3666 144 055
[email protected]
@barjasbh
الدراسات والتقارير التي أجريت على استهلاك الكهرباء في المملكة العربية السعودية كانت مخرجاتها أن “المواطن” مفرط في استهلاك الكهرباء، وأجزم أن نتائج هذه الدراسات استنتجت قبل الدراسة نفسها، ودائما وأبدا (المواطن هو السبب).
لفترات طويلة والعمل متوقف عن إيجاد الحلول لخفض استهلاك الكهرباء، وأُوهم الجميع أن “دعم” الكهرباء هو سبب عدم حرص المواطن وأن المواطن هو السبب، ولذلك المحاولات كثيرة لإقناع صناع القرار أن دعم الكهرباء هو سبب زيادة الاستهلاك. وفيما لو تم رفع سعر الكهرباء، لن ينخفض استهلاك الكهرباء لأنه ليس السبب الرئيسي وليس عامل مؤثر كبير، فستكون النغمة الجديدة أن رفع الأسعار لم تكن كافية.
أتمنى من صناع القرار ومن مجلس الشورى كونها الجهة المزّكية لهذه الدراسات أن يقوموا بطلب معلن بالقنوات المتاحة ممن ينوب عن المواطن بالدفاع عن حقوق المواطن التي تعمل الدراسات نيابة عنه (عنوة) لكي يوضّح رأي المواطن وتوضيح ما تعجز القطاعات عنه.
استهلاك القطاع التجاري للكهرباء في المملكة كان مدمج مع القطاع السكني، وطبعا الحلقة الأضعف دائما هي “المواطن” فكان هو الملام لارتفاع الكهرباء، وكان استهلاك القطاع السكني 70% من الاستهلاك الاجمالي للكهرباء في المملكة، ولكن بعد عزل القطاع التجاري من القطاع السكني، انخفض استهلاك القطاع السكني إلى 50%.
فعندما تسأل هؤلاء لماذا استهلاك الكهرباء مرتفعة في النرويج والولايات المتحدة وفنلندا والسويد وكندا، يأتيك الرد بدون تفكير بأن هذه الدول صناعية وهذا الاستهلاك صناعي. ألم يتواضعوا وينظرون إلى معدل استهلاك الكهرباء للفرد في هذه الدول في القطاع السكني فقط! أليس بينهم ذكي يسأل لماذا معدل الفرد في استهلاك القطاع السكني في هذه الدول أكثر من دول أخرى مناخها مشابه لهم مع أنهم دولة متقدمة وشعوبها من أكثر دول العالم ثقافة ووعيا.
والسؤال الأذكى الذي يجب أن يطرحوه “لماذا معدل استهلاك الكهرباء للفرد في القطاع السكني في النرويج حوالي ضعف مثيله في جارتها فنلندا أو السويد”؟ جميعهم نفس الثقافة والحضارة والوعي!
لا شك أن هناك أسباب لارتفاع استهلاك الكهرباء في كثير من الدول، هناك دول حارة صيفا، وهناك دول جدا باردة شتاء، وأيضا بعض هذه الدول الباردة تستخدم الكهرباء للتدفئة وبعضها تستخدم زيوت لأجهزة التدفئة، فالأولى كهرباء والثانية من مشتقات النفط، فالمقارنة دائما ليست عادلة وتحتاج إلى تفاصيل أكثر، ولا يمكن أن تعمل من غرف الاجتماعات.
ولتوضيح أكثر، معدل استهلاك الكهرباء للفرد سنويا في القطاع السكني الأعلى في العالم في دولة النرويج بمعدل 7900 (ك. و. س.)، تليها الولايات المتحدة بـ 4650، وكلٍ من السعودية وفنلندا بـ 4400، والسويد وكندا بـ 4300، وجميع هذه الأرقام بوحدة (ك. و. س.) أو (كيلو وات – ساعة).
فلو سطنا الضوء على معدل استهلاك المواطن الأمريكي للكهرباء المعدل 4650 (ك. و. س.)، أي أن هناك ولايات تكون حارة في الصيف (الولايات الجنوبية) وتستهلك كهرباء أكثر من معدل بقية الولايات، فمثلا معدل استهلاك الفرد للكهرباء في ولاية لويزيانا 6960 (ك. و. س.)، وولاية ألباما 6900، وفلوريدا 6000، وجورجيا 5800، وتكساس 5600، وجميعاها بالـ (ك. و. س.).
جميع هذه الولايات حارة صيفا وقريبة جداً من مناخ جدة والرياض والدمام في فصل الصيف، ولكن معدل استهلاك الفرد للكهرباء بهذه الولايات أكثر من معدل استهلاك الفرد بالسعودية والزيادة بين 27% و 58%، (هذه هي المقارنة العادلة مع أن أسعار الكهرباء أغلى بكثير من السعودية، والمواطن الأمريكي حريص ويتلقى الكثير من الإرشادات في الاستهلاك) هل لدى المسؤول وصاحب الدراسات والمروجين للدعاية أي شرح لهذه النقطة؟ أنصحهم بأن يسألوا شخص متمكن من تحليل تقارير وكالة الطاقة الأمريكية.
أجزم أن المملكة لو أسست مركز دراسات وجميع من يعمل به من الشباب والشابات، وبدون مؤثرات من سبقوهم، سيخرج نتائج مختلفة عن الحالية، هناك أسباب كثيرة لارتفاع استهلاك الكهرباء وهناك حلول أيضا، ولكن لعلنا ننظر لموضع القدم أثناء السير لكي لا نقع.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734