الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تنقبض أسارير أحدهم وهو جالس يحدثك عن هموم الدراسة، حتى انك تتمنى لو انه ( يفكها شوي ) وخاصة عندما تسير دفة الحديث نحو تكاليف المعيشة، التي تواجه ابناءنا المبتعثين في الخارج ، في كل البلاد التي وافقت على استقبالهم للدراسة فيها، ليس هذا فحسب بل أن المكافاة لكل طالب لاتكاد تكفي ( تجي من هنا أو من هناك، حتى لو اقتصد الواحد وعاش على الحديدة مثل مايقولون ، النتيجة وحده) من وجهة نظر اقتصاديه بحته، وبأرقام متابعة شهريا من معظم الطلبة والطالبات.
وليسأل سائل كيف ذلك ؟ وسيكون الجواب واضحا عندما تتطاير المكافاة فلا يكاد يبقى منها شيء يكفي لبقية الشهر، لتبدأ معاناة أخرى ، وانتظار أخر ، وحساب آخر، وأرقام تتسابق لتنبيء أن هناك ازمة اقتصادية على الحساب الشخصي !
بحسبة بسيطة ، مكافاة الطالب لاتتجاوز ١٨٠٠ دولار بالشهر ، والايجارات غالية جدا ، وبعض الكتب التي يكون استئجارها أغلى من شرائها ، حتى ان بعض الكتب يصل سعرها الى ٢٠٠ دولار ، وايجارها يصل الى ١٠٠ دولار ، وفي حالة التأخير في اعادة الكتاب يتم دفع ضريبة على ذلك ، او يتم سحب مبلغ الشراء من بطاقة الطالب ووضعه امام الامر الواقع ليفرض عليه كتاب لن يحتاجه في المستقبل ، وهذا التحدي يقع فيه الكثير من الطلبة لان تاريخ اعادة الكتاب في كثير من الاحيان قد يسبق نهاية الفصل الدراسي ، وهذا مطب اقتصادي اخر لم يحسب له ، فتتأثر الميزانية المتعثرة بأقل الحسابات الاخرى التي تضيع مابين المعيشة والمواصلات .
وعندما نتناول موضوع المواصلات ، تبدأ الحكايات الاخرى عن غلاء بطاقات الميترو ، أو التكاسي التي احتكرتها العمالة الافريقية ، التي بمجرد ان تلمح ( سحنتك ) العربية ، تبدأ برفع سعرها بطريقة أو باخرى ، حتى ان بعض المشاوير من الجامعة للبيت يصل ذهابا وايابا لــ ١٠٠ دولار في اليوم الواحد ( خلصت المكافأة ) .
ولايخفى مايواجهه الطالب عندما يفكر في شراء سيارة جديدة ، أو مستعمله ، والتي في كثير من الاحايين يقسم ضمانها ظهر البعير المتظاهر بالقوة ! ، ولكن غالبا مايكون الخيار الاخر الذي يلجا اليه بعض الطلبة لمواجهة ازمة المواصلات في كثير من الاحيان استئجار سيارة ، وهذه رواية اخرى لها من التعقيدات المالية التي تفرضها شركات تأجير السيارات على الطلبة بالذات ، لانهم يطلبون ضمانات خيالية ، وارقام كبيرة للايجار وضريبة التاخير ، أو في حالة قيادتها بغير اسم الشخص الذي استئجرها ، وكيف انه لابد من مليء السيارة بالبنزين في حالة اعادتها ، والبنزين هنا غالي جدا ، يفوق في معظم الاحيان الـــ ٥٠٠ دولار شهريا ، في حالة ان كانت المشاوير مقتصرة من والى الجامعة ، فما بالك باكثر من ذلك ، كمشوار العيادة ، والتسوق من بعض البقالات العربية التي بدورها تستغل الطالب الخليجي بشكل سيئ جدا لترتفع الفاتورة فجأة لتفوق كل التوقعات ، وتكاليف المكتبة ، ومشوار وفاتورة فدكس لتصوير الاوراق والبحوث !
أما موضوع السكن فحدث ولاحرج ، الايجارات مرتفعة بشكل لايمكن لك ان تتخيله ، فالشقة الصغيرة ذات الغرفة الواحدة ، والحمام الواحد يصل سعرها الى ١٦٠٠ دولار في الشهر ، ومساحة الشقة صغيرة جدا ، لاتسمح لك بان تفكر في الكماليات الاخرى ، ولاننسى التطرق الى الفواتير التي لابد من سدادها في وقتها ، أو ستكون هناك مطبات اخرى يقع فيها كل من يهمل سداد الفواتير مثل الضريبة التي ستزيد السعر ، مما يجعل الطالب يضطر الى ان يسدد مجموعة فواتير في وقت واحد ، وهذا يرهق الميزانية التي كأنها تنهض من مطب لتقع في اخر ، حتى ان احدهم قد اشتكى بان عدد زملاؤه الذين شاركوه السكن وصل الى سبعة افراد من الطلبة المستجدين الذين اضطروا للعيش معا لمواجهة هذا الغلاء ، وهذه مشكلة اخرى تواجه معظم الطلبة ( لان الفزعة لابد منها في وقت الغربة ) حتى ان احدهم يقسم انهم يفترشون الارض بسبب صغر المساحة التي لاتكفي لجلب سرير صغير لكل فرد في الشقة !
مما يزيد الامر سوءا على المبتعثين والمبتعثات هو بعض الاوضاع التي يتم فرضها عليهم ، كان يكون له تخصص محدد في ولايات غالية لاتكفي معها هذه المكافاة البسيطة ، أو انه يتم اجبار بعض الطلبة على تغيير التخصص بحجة انه غير معترف به ، او انه تم الاكتفاء من اعداد الخريجين والخريجات .
وبعبارة اخرى ، لو انه تمت دراسة هذه المشكلة منذ بدايتها ، كوضع اساسات واضحه لها ، أولها تنبيه الطلبة لهذا الجانب من الحياة الجديدة التي تتطلب موقفا صارما ، والاستعانه بكورسات
بسيطه لضمان الاستعداد ( النفسي على الاقل ) لكل المتغيرات التي من الممكن ان يواجهها الطلبه ، لتعوديهم بصورة مبسطه ، ان الوضع ليس سهلا ابدا ، فلقد سمعت من الفوضى المادية التي يعاني منها المبتعثين الكثير ، حتى ان احدهم يقسم انه يعيش بــ ١٠ دولار بقية الشهر لحين نزول المكافاة في حسابه البنكي ! كما ان ٥٠ بالمئة من الطلاب تتم مساعدتهم من قبل اهاليهم ، اما الـــ ٥٠ بالمئة الباقية لايجدون مساعدات من اي جهة اخرى .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال