الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
د.صلاح بن فهد الشلهوب
مع بداية الربع الأول من هذا العام بدأت طلائع نتائج البنوك والشركات الأخرى، وبرز في هذا الربع تحسن أداء مجموعة من البنوك مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي، وهذا التحسن لا شك أنه انعكس على تحسن الاقتصاد، والإنفاق الحكومي المستمر على المشاريع والخدمات، إضافة إلى التحسن في النشاط التجاري والأعمال سواء على مستوى الشركات، أو الأفراد إذ إن أداء البنوك يعطي تصورا مباشرا عن حجم التحسن في أداء الاقتصاد الكلي.
كما أن البنوك السعودية تتمتع بميزة انخفاض تكلفة السيولة من خلال ودائع الأفراد، حيث أوضحت دراسة نشرتها بعض المؤسسات الإعلامية “توصلت دراسة متخصصة، فحصت أداء بنوك السعودية على مدى ست سنوات، إلى أن ودائع الأفراد، وأغلبهم من المواطنين السعوديين، ظلت المورد المالي الأقل تكلفة في رفد السيولة المالية داخل تلك المصارف”، ولعل أبرز الأسباب أن المواطنين بصورة عامة لا يتقاضون عائدا من هذه الإيداعات مما يجعل تكلفتها هي الأقل مقارنة بالسيولة التي تأتي من خلال البنك المركزي أو البنوك الأخرى أو حتى الشركات.
هذا النمو والنشاط في البنوك يدعو مجموعة من المواطنين إلى التساؤل ما أثر هذا النمو في دعم الأنشطة الاجتماعية، خصوصا أنه كما هو ظاهر أن المورد الأقل للسيولة التي تستفيد منه البنوك هو من خلال الأفراد، فهل لدى البنوك أي برامج اجتماعية لخدمة المجتمع.
الحقيقة لا يمكن القول إن البنوك لا تسهم مطلقا في البرامج الاجتماعية التي تخدم المجتمع، فالبعض منها حاليا يدعم الجامعات في برامجها للأوقاف والبعض الآخر يدعم مجموعة من الكراسي العلمية في بعض الجامعات إضافة إلى رعاية بعض الأنشطة العلمية والاجتماعية، كما أن البعض يسهم في أنشطة أخرى تعليمية إضافة إلى مجموعة من التبرعات العامة، ومن ضمن خدماتها أنها تيسر مسألة التواصل بين المواطنين والمؤسسات الخيرية المرخصة، وذلك للتحويل إلى حساباتها، كما أنها في الغالب تقدم مجموعة من الخدمات المجانية لأصحاب الحسابات مثل فتح الحساب وإصدار البطاقات إضافة مجانية عمليات السحب.
هذه بعض ما تقدمه البنوك لكن هل يكفي ذلك مقابل ما يقدمه الأفراد إضافة إلى الدعم الحكومي.
لا شك أن المواطن يتطلع إلى برامج أكثر أثرا في المجتمع، خصوصا أن البنوك تتمتع بعوائد جيدة تمكنها من الإنفاق الأكثر، كما أنها تتمتع بكفاءة عالية في إدارة البرامج الاجتماعية، ولذلك من المهم أن تكون البرامج الاجتماعية للبنك جزءا من هيكله التنظيمي كما تفعله بعض البنوك بتعيين إدارة خاصة بالبرامج الاجتماعية تقدم خدماتها للمؤسسات التي تقدم خدمات للمجتمع؛ وذلك باختيار الأكفأ منها، كما أنها تعنى بمتابعة إنجاز هذه المشاريع.
احتياج المجتمع للمساهمة من قبل القطاع الخاص في البرامج الاجتماعية سواء كانت البنوك أو غيرها من الشركات مهم جدا؛ وذلك أن البرامج الحكومية مهما حاولت أن تغطي هذه الاحتياجات إلا أنها لا يمكن أن تستوعب هذه الاحتياجات لاعتبارات متعددة، وهنا يأتي دور القطاع الخاص لمساندة القطاع الحكومي في ذلك والبحث عن البرامج الأكثر حاجة وأثرا في المجتمع.
للبنوك ميزة على القطاعات الأخرى يمكن أن تسهم فيها بكفاءة أعلى من غيرها من القطاعات الأهلية، وذلك لأنها الجهة التي تقدم التمويل. فمن ضمن البرامج التي يمكن أن تسهم فيها البنوك هو مسألة تمويل المشاريع سواء كانت صغيرة أو متوسطة خصوصا مشاريع الشباب الذي يرغب في الدخول إلى قطاع الأعمال، وهذا الدعم لا ينبغي أن يأخذ الربح أولوية بقدر ما يكون الأهم هو دعم هذه المشاريع ونجاحها، ومن ذلك دعم الأسر المنتجة بالتمويل والتدريب، ومن ذلك دعم البرامج العلمية والتعليمية بتغطية تكاليف تعلم بعض أفراد المجتمع وبعض البنوك يسهم حاليا ببرامج جيدة في هذا الإطار.
من البرامج التي يمكن أن تقدمها البنوك إقراض بعض الأفراد المحتاجين أو ذوي الدخل المتدني دون أي عائد؛ وذلك لتلبية احتياجاتهم الأساسية، مثل بناء منزل أو ترميمه أو شراء السلع والاحتياجات الأساسية، وذلك من خلال التنسيق مع بعض المؤسسات الخيرية الموثوقة، أو من الممكن إقراض أو التبرع لبعض المؤسسات الخيرية المعتمدة لمساعدتها في إنشاء أوقافها الخاصة.
الخلاصة، أن البنوك في المملكة تتمتع بفرص جعلت عوائدها جيدة، ورغم أنها تسهم في مجموعة من البرامج الاجتماعية، إلا أن المجتمع ينتظر منها أكثر، ولعل كفاءتها في مجال التمويل يمكن أن تجعلها أكثر قدرة في تقديم برامج اجتماعية في إطار نشاطها بصورة لا تهدف فيها إلى الربح.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال