3666 144 055
[email protected]
د. عبدالله بن عبدالمحسن الفرج
كشفت الدراسة التي أجرتها وزارة العمل أن اقتصاد المملكة يعاني من تدني مستوى الانتاجية في القطاعات غير النفطية وذلك مقارنة مع الانتاجية في البلدان النامية كالصين والهند التي يصل فيها معدل نمو الانتاجية إلى ضعف ما هو عليه في المملكة. اذاً فنحن امام عدة أمور تحتاج إلى توضيح.
وأول هذه الأمور هو المصطلحات الاقتصادية التي نستخدمها والتي ربما تؤدي إلى التضليل بدلاً من التوضيح. فنحن قد اعتدنا على تقسيم اقتصادنا إلى 3 قطاعات هي القطاع الحكومي والقطاع النفطي والقطاع الخاص. وهذا تقسيم غير دقيق على ما يبدو لي. فالقطاع النفطي في المملكة هو قطاع حكومي وبالتالي فإن وزنه في الاقتصاد يفترض أن يضاف إلى وزن القطاع الحكومي. وعلى هذا الأساس فإن الدراسة عندما تشير إلى أن الانتاجية في المملكة متدنية باستثناء القطاعات النفطية فإنها تعني من ضمن ما تعني أن الانتاجية في القطاع الحكومي، والذي يشكل النفط جزءا كبيرا منه، هي أعلى من الإنتاجية في القطاع الخاص.
وهذا أمر قد يبدو للوهلة الأولى مستغربا. فإنتاجية القطاع الحكومي في البلدان الصناعية القديمة منها والجديدة هي أقل من الإنتاجية في القطاع الخاص. وعلى هذا الأساس تتعالى الأصوات في تلك البلدان، بين الفينة والأخرى، مطالبة بتقليص دور الحكومة في الاقتصاد. وصدى هذه الاصوات يصل إلينا. ولذا فإن البعض منا يتحمس ويطالب هو الآخر بالخصخصة من أجل ترشيد الانفاق ورفع الانتاجية. ولكن ليس هناك ما هو أضر من التقليد الأعمى. فنحن لو لم نسمع تلك الأصوات لما ارتفعت لدينا نسبة البطالة إلى المستوى الذي هي عليه الآن. فلو كانت لدينا عشرات الشركات التي يساهم فيها القطاع الحكومي مثل أرامكو، سابك والمصارف لما سمعنا عن البطالة مطلقاً. أو على الأقل لما شغلتنا إلى هذا الحد.
بالفعل فإن الانتاجية في القطاع الحكومي والقطاع الخاص متفاوتة. وذلك لأن الإمكانيات التي لدى القطاعين ليست واحدة. فالإنتاجية في القطاع الخاص المتواضع الامكانيات لا يمكن أن تكون على نفس مستوى الانتاجية في القطاع الحكومي. والأمر لا يخص أرامكو أو سابك وحدهما. فتوسع الدوائر الحكومية في استخدام الخدمات الالكترونية قد صار واضحا. ولذا فلا غرابة أن تحتل المملكة المرتبة الخامسة عالمياً في الخدمات الحكومية الرقمية.
أنه لمن المنطق أن ترتفع الانتاجية في القطاع الحكومي ذا القدرات المالية العالية وأن تنخفض لدي القطاع الخاص الذي 85% من إجمالي مؤسساته هي إما صغيرة أو متوسطة. فهذه مرحلة مؤقتة مرت بها كل قطاعات الاعمال في البلدان الصناعية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. بل إن أحد اسباب تطور الصين يعود إلى هجرة رؤوس الأموال من البلدان الصناعية إلى هذا البلد طمعاً في استخدام اليد العاملة الرخيصة. فمعدل الارباح التي يتم الحصول عليها جراء استخدام اليد العاملة متدنية الأجر هو أعلى من معدل الارباح التي يتم الحصول عليها من خلال استخدام التقنية المتطورة. وأنا هنا أتحدث عن المعدل وليس الحجم. ولذلك دعونا لا نحرم قطاع أعمالنا من الاستفادة مما ساقه الله اليه من عمالة رخيصة.
نقلا عن الرياض
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734