الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تشير بعض الاحصاءات إلى أن حجم الاقتصاد الخفي في المملكة سوف يرتفع خلال هذا العام إلى 534 مليار ريال أي ما يعادل 19% من الناتج المحلي الاجمالي. طبعاً إذا أردنا التخفيف من وقع هذه النسبة فسوف نقارن انفسنا مع غيرنا. فهذا المؤشر بالفعل غير مرتفع بالمقارنة مع العديد من البلدان. ففي منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مثلاً نلاحظ أن نسبة الاقتصاد الخفي لا تقل عن النسبة التي لدينا. بل أن هذه النسبة لدى بعض البلدان النامية تصل إلى 28%. كما أننا يمكن لطمأنة النفس أن نشير إلى أن نسبة الاقتصاد الخفي المشار إليها هي رقم تقديري. فبيننا وبين نهاية العام هناك أكثر من ستة أشهر. وبالتالي فإن النسبة في نهاية العام قد تكون أقل من المتوقع.
من ناحية أخرى فإن الاقتصاد الخفي هو ظاهر سلبية في أي اقتصاد بل أنه يحمل بعض الخطورة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار خصائصه لدينا. وأنا سبق وأن تطرقت لهذا الموضوع عندما كتبت عن اقتصاد الظل بتاريخ 7 سبتمبر من العام الماضي. ولهذا فسوف أناقش في هذه السطور تلك الجوانب التي لم تتح لي الفرصة وقتها الإشارة إليها.
فنحن نعرف أن الظاهرة أي ظاهرة عندما تنشأ، سواء كانت إيجابية أم سلبية، فإنه يمكن التأثير عليها من خلال أمرين على الأقل. الأول دعم أو محاربة المصدر الذي نشأت من خلاله الظاهرة. الأمر الثاني هو تشجيع الظاهرة على النمو او اعاقة نموها. وعلى هذا الأساس فإنه إذا توخينا محاربة أو على الأقل معالجة الاقتصاد الخفي فإن علينا أولاً تحديد المصدر الذي نشأ من خلاله هذا الاقتصاد ومن ثم العمل على منع انتشاره. أو كلا الأمرين دفعة واحدة.
ولكن من الملاحظ أن تركيزنا حتى الآن، ويا للأسف، لا يزال منصب على معالجة الأمر الثاني. وضمن هذا التوجه تندرج جهود وزارة العمل سواء منها المتعلق بترحيل العمالة المخالفة أو محاولتها تطبيق برنامج حماية ومراقبة الأجور في المنشآت الصغيرة والمتوسطة وذلك من خلال متابعة التحويلات النقدية للأجانب إلى خارج المملكة والتي وصل حجمها في العام الماضي 2013 إلى 129 مليار ريال. فنحن إذاً لا نزال والحالة تلك نركز على جانب الطلب من المعادلة ولا نعطي جانب العرض كل الأهمية الذي يستحقه.
وأنا هنا أعني بجانب العرض سوق التأشيرات. فالاقتصاد الخفي لدينا من هذه الناحية يحمل ليس طابع السلبية وإنما سمة الخطورة. فسوق التأشيرات هي الرافد الرئيسي على ما يبدو لي للاقتصاد الخفي. ولذلك فإن تركيز وزارة العمل على جانب الطلب لم يؤد مثلما نلاحظ إلى خفض كمية الأموال التي تحول إلى الخارج. ففي عام 2013، الذي هو اوج الحملة على العمالة المخالفة لنظام الإقامة، ارتفعت تحويلات الاجانب بنسبة 13% تقريباً مقارنة بعام 2012.
بالفعل فنحن عندما نرمي بثقلنا وراء ترحيل العمالة المخالفة ومراقبة تحويلات الأجانب وننسى المصدر والوكر الذي يؤدي إلى تفريخ المزيد من العمالة المخالفة فإننا نظلم أنفسنا. فليس من هنا تؤكل الكتف كما يقول المثل.
نقلا عن الرياض
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال