الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إن رأس المال الفكري، لأي دولة يعد ثروة وطنية، وقيمة متزايدة، وركيزة رئيسة، في تدعيم الإمكانيات، والطاقات البشرية، وتدفق القدرات المعرفية، والتنظيمية للأفراد؛ لبناء نسيج قادر على الإنتاج، والمنافسة؛ ويتمثل رأس المال الفكري في الاستثمار النوعي، للقدرات، والكفاءات العقلية، لدى بعض الأفراد، لقيادة، وتسيير المؤسسات الحكومية، والأهلية، بالاعتماد على مبادئ الإبداع، والابتكار، والبحث، والتطوير، والجودة، والريادة، والتميز في توليد الأفكار، والتخطيط الاستراتيجي، وتوظيف التقنية الحديثة، وإرساء مفاهيم التعليم والتدريب المستمر…
وقد لمس المختصون أن الدول التي اهتمت برأس المال الفكري، وصلت إلى تحقيق نهضة اقتصادية، ورفاهية اجتماعية، وقوة مستدامة؛ حيث تشير الأرقام إلى أن أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي الأوربي، يقوم على أساس المعرفة، أي أنها تقوم على الموجودات الفكرية، والمهارات غير الملموسة للأفراد، وتزداد هذه النسبة لتصل إلى 76% في اقتصاديات أمريكا.
وبالعودة من هذا الحلم الجميل، والمثالية الافتراضية، إلى الواقع الوطني، نجد أن رأس المال الفكري لم يُستوعَب في مرافق الدولة المختلفة كما ينبغي، وهذا يعود في نظري، إلى قصور منظومة التعليم، وعجزها عن خلق البيئة المعرفية المؤثرة، في نظم، وثقافة المجتمع السائدة، إضافة إلى ضعف أنظمة التعيين التقليدية، والتي تتم عادة، إما بالسقوط المباشر عبر منظومة العلاقات، والهبات الاجتماعية، وإما بطريقة آلية بالترقية، والأقدمية، بعيدا عن الجدارة، والإنجاز، وهذا قطعًا مما أثر بشكل واضح، على هدر الموارد، وضعف الإنتاج، والإخفاق في التنمية، وشيوع الفساد الإداري، والمالي، ونشوء الكثير من السلبيات، والانتكاسات، وعدم القدرة على تسيير المنشآت، بما يحقق الأهداف؛
ومن هنا يجب أن نعيد للتعليم بريقه، وأن نربطه بواقعنا، وحياتنا، ومستقبلنا؛ وأن نخلص أنظمتنا من العوائق النظامية التي تعرقل اختيار ذوي الجدارة والكفاءة؛ وأن نفتح قنوات شفافة، لرصد المخزون الوطني، من رأس المال الفكري، وتقييسه، وإدارته، وصقله بالابتعاث، والتدريب؛ ومن ثم اعتماده، ونشره على مرافق الدولة، بدأ بالمستشارين، والمجالس التخصصية، والوزارات، والمراتب العليا، والإدارت العامة؛ وهكذا نستطيع أن نشيع روحا خلاقة في مجتمعنا، تؤسس لعهود جديدة من المؤسسية المبنية على الكفاءة، والإنتاجية، والعطاء؛ وفي خط متواز مع هذه الإجراءات ينبغي أن تكون الرقابة الصارمة، والمتابعة الدقيقة، والتقييم السنوي للمنجزات، واستطلاع رضا المجتمع، سياسة متبعة مع كل مسؤول، وجهة حكومية في وطننا؛ كما يجب ألا تبنى القرارات، ولا تصدر التنظيمات، ولا يخرج منتج، أوخدمة من أي جهة حكومية إلا على أرضية علمية (بحث، دراسة، استطلاع، مؤتمر، استشارة تخصصية…)؛ وبالإمكان أن يكون لدى كل جهة حكومية قاعدة بيانات بالمتخصصين، والمهتمين في مجالها، فتشاركهم، وتتعاطى معهم، وتستطلع آراءهم في أعمالها، وتنظيماتها، وخططها، ومستقبلها؛ وبهذا تتحقق المشاركة المجتمعية الفاعلة، ويقوى النسيج المعرفي لمؤسسات الدولة، ويتطور أداء القيادات الإدارية، وتتسارع الإنجازات، وتقل الإخفاقات، ويتحسن المستوى المعيشي، ويتلاشى الهدر المالي، وننتقل بثبات، وعزم نحو عتبات العالم الأول.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال