3666 144 055
[email protected]
يثير النزاع الدائر بين جمعية حماية المستهلك والغرف التجارية حول أحقية الجهة الأولى في جزء من المداخيل التي تحصل عليها الجهة الثانية العديد من التساؤلات وعلى أية حال وبغض النظر عما سوف تؤول اليه المرافعات القانونية فإن هناك أمورا عديدة تستدعي الانتباه في هذه العلاقة المتوترة بين مؤسستين من مؤسسات المجتمع المدني في بلدنا والمسألة هنا لا تقتصر فقط على نسبة ال 10%، التي ترى الجمعية أنه من المفترض أن تقتطعها من رسوم التصاديق التي تحصل عليها الغرف، بل تتعدى ذلك.
وبادئ ذي بدء من الضروري التأكيد على أن العلاقة بين الجمعية والغرف التجارية يفترض أن تكون علاقة مختلفة عما هي عليه الآن، وأنا في الحقيقة استغرب جداً هذا النزاع بين الجهتين والذي صار له أكثر من خمسة أعوام. فعلى ما يبدو لي فإن هذا الخلاف الناشب بينهما ناجم عن سوء فهم للدور الذي يفترض أن تضطلع به كلا منهما. وربما تتحمل الغرف قسط لا بأس به في هذا المجال عندما تسوق نفسها باعتبارها مؤسسات تهدف من ضمن ما تهدف إلى خدمة المجتمع دونما توضيح كافي لذلك. صحيح أن الغرف ترعى وتساند العديد من النشاطات الاجتماعية وتسعى إلى تأصيل المسؤولية الاجتماعية لدى قطاع الأعمال ولكن صحيح أيضاً أن الغرف التجارية هي ليست جمعيات خيرية. فالنشاط الاجتماعي للغرف يفترض أن يكون مرتبطا بمدى مردوده على قطاع الأعمال. وأنا هنا لا أقصد العائد المالي بصورة مباشرة وإنما الترويج لرأس المال الذي يمكن أصحابه ويعطيهم النفوذ والجاه والسمعة اللازمة للتوسع وزيادة الارباح. إذ حتى في البلدان الصناعية فإن المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص تستهدف بالدرجة الأولى استتباب الأمن وخفض التوترات التي تضر بأصحاب الأعمال وتهدد نشاطاتهم.
ولكن نحن عندما نستورد المسؤولية الاجتماعية من البلدان المشار إليها نضيف عليها، كما هي العادة مع كل ما نستورده، من البهارات لتتناسب مع مفاهيمنا المثالية. فهذا التبسيط لدور الغرف التجارية في المجال الاجتماعي هو، على ما يبدو لي، احد مسببات الخلاف الدائر بين جمعية حماية المستهلك والغرف التجارية. فلو رجعنا إلى نظام الغرف التجارية الصناعية الذي تم إقراره بعد المرسوم الملكي رقم م/6 وتاريخ 30/4/1400ه فسوف نرى أن المادة الأولى من هذا النظام تشير إلى أن الغرفة التجارية الصناعية هي هيئة لا تستهدف الربح وتمثل في دائرة اختصاصها المصالح التجارية والصناعية لدى السلطان العامة، وتعمل على حمايتها وتطويرها. إذاً فالغرف التجارية تهدف أول ما تستهدف خدمة أصحاب الأعمال وحل المشكلات التي تعترض زيادة رؤوس أموالهم. فهي أشبه ما تكون بنقابة للدفاع عن مصالح القطاع الخاص.
طبعاً قطاع الأعمال ليس جسدا واحدا فبعض أصحاب الأموال يستثمرون في الوكالات التجارية وعددهم محدود بمحدودية عدد الوكالات التجارية في بلدنا. ولكن هناك أيضا من رجال الأعمال من يتاجر بالبضائع المغشوشة ويروج للمنتجات المقلدة. وهؤلاء وأولئك كلهم مشتركون في الغرف التجارية. بيد أن المتابع لا بد وأن يلاحظ الحرب الضروس بينهما. فالبضائع المغشوشة هي سلع يتم إنتاجها بهدف تقليد ما يبيعه الوكلاء وبنفس المسميات التجارية. ولكنها سلع رديئة ورخيصة الثمن. الأمر الذي يمكنهم من الاستيلاء على جزء من حصة الوكلاء في السوق دونما حق.
من ناحية أخرى فإن أهم أهداف جمعية حماية المستهلك هو العناية بشؤون المستهلك ورعاية مصالحه والمحافظة على حقوقه والدفاع عنها وتبني قضاياه لدى الجهات العامة والخاصة وحمايته من جميع انواع الغش والتقليد والاحتيال والخداع والتدليس في جميع السلع والخدمات. ولذلك فإن الجمعية يمكنها في هذا المجال ليس فقط التنسيق مع الوكلاء التجاريين التي تقتطع البضائع المقلده حصة لا يستهان بها من سوقهم وإنما أيضاَ الاعتماد على تمويلهم لنشاطها في هذا المجال.
نقلا عن الرياض
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734