3666 144 055
[email protected]
خبير ومدرب مسؤولية اجتماعية
[email protected]
ما هو الابتكار innovation ؟ وما مفهومه ؟ وما فوائده ؟ وما هو اقتصاد الابتكار The innovation economy؟ ومن هو المبتكر ؟ وكيف تتعامل معه نظم التربية في العالم العربي ؟.
الابتكار في معاجم اللغة العربية يأتي بمعنى الأول او الاسبق بمعنى اول الاشياء وباكورتها ، كما انه يأتي بمعنى الخلق أي خلف اشياء جديدة غير مألوفة ، وبهذا يكون بمعنى اختراع اشياء لم تكن مألوفة في السابق .
وفي اللغة الانجليزية تأتي كلمة innovation المشتقة من الكلمة اللاتينية innovare والتي تعنى التجديد والتغيير. فإما الاختراع (Invention) يتفق الجميع على انه انشاء اشياء جديدة غير موجودة بالسابق ، بينما الابتكار هو ايجاد طريقة جديدة لاستخدام الاختراع بشكل مختلف ومفيد . حيث يشير الابتكار الى طريقة استخدام الفكرة او الاسلوب بطريقة افضل مما هو معتاد عليه .
ويختلف الابتكار عن التطوير او التحسين ، فالابتكار يعني استخدام أو القيام بشيء مختلفة بدلا من تطوير الشيء نفسه على نحو افضل . وكلمة ابتكار تشير الى شي مستحدث ، كما انها بنفس الوقت تشير الى العملية التي انتجت هذا الشيء المستحدث.
ويرون اخرين ان الابتكار اشمل وأعم من الاختراع ، فإذا كان الاختراع يعني خلق شيئا جديدا ، فان الابتكار هو اختراع بالإضافة الى الادخال عليه شيئا جديدا .
وان الابتكارات تمر في مراحل صعبة ، لان الناس ، وان تحدثوا عن التطوير ورغبتهم بالتقدم إلا انهم بنفس الوقت يقاومون التغيير ، ويخشون التغير ، لان فكره الابتكار بحد ذاتها تعني اشياء مخالفة لكل ما هو متعارف عليه في المجتمع ، لذلك قيل المثل ( ان الخلق هو الحجر المرمي خارج بركان العادات) .
وبهذا يكون الاختراع والابتكار والإبداع ايجاد اشياء غير مألوفة او استخدام اشياء بطريقة غير مالوفه لدى كثير من الناس .
ومن وجهه نظري ان تعريف الابتكار : هو عمليه القدرة الابداعية في توظف المعرفة العلمية لاستخدام الاشياء بطريقة متخلفة تحقق الهدف . او بمعنى آخر هو عملية التحليق في سماء الخيال الفكري البعيد ، ومن ثم الهبوط به على ارض الواقع للتطبيق الفعلي .
والابتكار هو حرفة ، وفن في آن واحد . فكيف يكون ذلك ؟ الابتكار حرفه ؛ بحيث يكون لها اصول وقواعد علمية ومهنية بحيث يدرك المشتغل بهذه الحقل الكليات من النظريات العلمية وفروعها ومدلولات تطبيقها .
اما من حيث هو فن فان المشتغل بهذا المجال لابد ان يتحلى بالخيال الواسع والأفق البعيد والنظرة الصائبة ، والتفكير الشمولي، والتفكير التحليلي والتفكير المنطقي والتقييم الجيد والتنظيم المتناسق واتخاذا القرارات المناسبة .
وبذلك يكون المبتكر هو الشخص الذي لديه القدرة على ايجاد حقله الوصل بين النظريات العلمية والرؤى التي يصعب على الغير الحصول عليها .
والابتكار في الوقت الحاضر يعلب دورا محوريا في النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي ،وساهم في التحولات الاقتصادية في المجتمعات بحيث اتجهت من الكم الى الكيف او النوعيه ، والتحول الى اقتصاد المعرفة ، واقتصاد المعرفة يولد الصناعه الرئيسية في الوقت الحاضر التي هي صناعه الابتكار .
واقتصاديات الدول المتقدمة هي اقتصاديات ابتكار بالدرجة الاولى ، وكما ان الابتكارات اصبحت سمه اقتصاديات الدول المتقدمة ،التي ادركت اهمية هذا المفهوم في التقدم الاجتماعي وعملت على ايجاد بيئة داعمة ومشجعه له ، وفي السويد مثلا توجد وكالة حكومية متخصصة بتطور انظمة ابتكار جديدة تسعى الى التركيز على تقوية بيئة ودية للابتكار اكثر من التركيز على دعم أي ابتكار .
وفي الوقت الحاضر الامر متاح لتوسيع نطاق الابتكار في كافة اقتصاديات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء ، بسبب التقدم التقني في وسائل الاتصالات والانترنت ، والاستفادة من هذه المخترعات بطرق ابتكاريه مختلفة متاح للجميع .
فكما للابتكار جوانب اقتصادية له ايضا جوانب ثقافية اجتماعية يتعلق بذكائنا الاجتماعي وتطويره يرتبط بالجانب الاجتماعي ، وينطلق منه ، لذلك يحتاج الى ايجاد البيئة المناسبة له. وإيجاد ارضية تنظيمية للابتكار بدا بالفرد ثم الثقافة ،ودمج الابتكار في الاقتصاد ومجالات الحياة والعمل .
ومن الاهمية بمكان ان يتم نشر ثقافة الابتكار في الاوساط التربوية والتنظيمية والتعامل مع الابتكار بمعناها الشامل والواسع لكافه المجالات الاجتماعية والاقتصادية بحيث ينشا جيل يتعامل مع الافكار بطريقة سليمة . وقد قال الفيلسوف جون ديوي : الابتكار لا يتجسد بالأفكار بقدر ما يتجسد اولا في النظره الصائبة امام القضايا. لذلك نجد ان المبتكر ينظر الى المشاكل بطريقة مختلفة عن غيره ، فهو يطرحها امامه ويشرحها قبل البحث فيها ، ومن يقول جون ديوي ان طريقة طرح المشكلة نصف حلها .
لذلك نجد ان اغلب نظم التعليم في العالم العربي تنصب على تعليم الطالب حلا المشكلات بطريقة النمذجة التي تناسب المعلم فقط بعيد عن الطالب ، لذلك لا نستغرب من مخرجات التعليم تقتل الابتكار ، فالابتكار يتأثر بالبيئة الاجتماعية ، ومن هنا يكون التعليم في العالم العربي احد معوقات الابتكار.
فالإنسان العربي يحاول اكتشاف الاشياء التي حوله والقريبة منه لأنه بيئته رسمت له هذا المسار رغم انه يفكر مرارا وتكرار ، ولكن لا يخرج عن مسار بيئته .
فكل انسان يملك بداخله قدرا من الابتكار ، ولكن هناك من يطوره ويستفيد منه ، وهناك من يتماشى مع بيئته التي لا تشجع الابتكار والخروج عن المألوف.
وهذا بكل اسف واقع اغلب نظم التعليم العربية التي اهملت هذا الجانب ، بذلك خالفت المنهج الاسلامي الذي يدعوا في مواطن كثيرة الى اعمال الفكر والتفكير في الحياة ،ورسم سياسة الحياة الاجتماعية والتربوية من خلال وتكريس طرق التربية التي تعتمد على النمذجة ، بعيدا عن تنمية المهارات الفكرية والإبداعية ، حتى جعلت الجيل يعيش ويفكر بالماضي وقتا طويلا ويعزف على انغام نظرية التبعية السياسية والاقتصادية دون ان العمل للحاضر وبذلك ضيعنا حياتنا الحاضرة بالانشغال بالماضي .
والى لقاء قادم ان شاء الله تعالى.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734