الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
باحثة دكتوراه في أمن الطاقة
Sam_Tardi@
اختار الله المملكة العربية السعودية لتكون بلد النفط الأول ورزقها سبحانه وتعالى بطاقة شمسية تغار منها دول المشرق والمغرب. لكن بالرغم من هذه النعمة لم نصل إلى اقتصاد “مستدام” ولم نستغل إيرادات النفط في تطوير وتحسين مشاريع الطاقة المتجددة فلا يزال اقتصادنا حتى اليوم أسود يعتمد 90 % على مورد ناضب غير متجدد.
من الأمور المحزنة أن تاريخ الطاقة الشمسية في المملكة العربية السعودية يعود إلى السبعينيات ففي تلك الفترة تم إنشاء مراكز متخصصة في بحوث ودراسات للطاقة الشمسية مثل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ونظراً لعدم وجود جهة معينة تتولى موضوع التخطيط الإستراتيجي لتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة لم نرى مشروع واحد على الأقل يقف مسانداً للنفط منذ ذلك الوقت حتى الآن، بل للأسف الشديد في الوقت الذي بدأت فيه معظم دول العالم تتجه نحو الطاقة المتجددة توقفت السعودية فجأةً .. أي أننا بدأنا “صح” قبل حوالي 45 عام لكن لم نجد مايشجعنا فتوقفنا. وفي عام 2010 تم إنشاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة بهدف بناء مستقبل أخضر مستدام للمملكة العربية السعودية من خلال إدراج مصادر الطاقة المتجددة ضمن منظومة الطاقة المحلية، ووفقاً لهذا الهدف نحن اليوم في انتظار مشروع يُثلج صدورنا متمنين من الله أن لا يُعيد التاريخ نفسه مرةً أخرى.
تخيــــــــل .. لو أن المملكة العربية السعودية استمرت وكثفت بحوثها في مجال الطاقة الشمسية منذ ذلك الوقت حتى الآن؟ هل كان وضعنا سيكون مختلف اليوم ؟ هل كنا سنجد طاقة مساندة للنفط تحمينا من خطر النمو السنوي المتزايد في استهلاك النفط الآن الذي يقدر بـ 5 % ؟
الذهب الأسود جعلنا نتصدر قوائم إحصائيات معدلات استهلاك العالم للطاقة، و أصبحنا أيضاً نتصدر المراتب الأولى في معدلات الزيادة السنوية في الإستهلاك، الذهب الأسود أبعدنا عن ترشيد الطاقة لسنين وغرز فينا حب الإستنزاف والإستهلاك الغير عقلاني، الذهب الأسود شجع المسؤولين على دعم أسعارالبنزين والديزل بنسبة كبيرة حتى وصل إلى 25 مليار دولار سنوياً فأصبح المواطن السعودي وبكل أسف صاحب البصمة الكربونية الأعلى في العالم، الذهب الأسود جعل السعوديون شعب مستهلك غير منتج.
أحلامنا أن نرى السعودية تقوم على اقتصاد أخضر مستدام وتنمية اقتصادية تلبي حاجات الجيل الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال القادمة في تلبية حاجاتهم. من الجميل أن تعيش المملكة اليوم على اقتصاد من نوع فاخر لكن من الظلم أن لاينعم أبنائنا وأحفادنا بجزء منه، قلنا ولازلنا نقول نحتاج إلى التنويع في اقتصادنا، نحتاج إلى التقليل من استهلاكنا، نحتاج إلى النظر في مستقبلنا، نحتاج الآن أن نغسل السواد الذي وضعه النفط في أعيننا ونبدأ بتنفيذ مشاريع كنا ولا زلنا ننتظرها من سنين.
خان
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال