كيف نختار الأسهم التي نستثمر بها؟

[email protected]
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي

عدت لصديقي الذي طلب رأيي بما يمكن أن يفعله وسط هبوط الأسعار في سوق الأسهم، بعرض استثماري. عرضت عليه أن يستثمر كل أمواله ويشارك أحد الأشخاص في مشروع جيد سمعت عنه مؤخرا. بدا عليه الاهتمام وبدأ يمطرني بالأسئلة: ما اسم الشخص؟ ما نوع المشروع؟ هل الشخص لديه خبرة كافية؟ هل درس السوق جيدا؟ كم العائد المتوقع؟ قاطعته وقلت له: مهلا، فأنا لا أعرف أي معلومات غير ما أخبرتك به. امتقع لونه و بذل جهدا ليضبط ردة فعله واكتفى بأن نعتني بالمجنون. تعليقي على ذلك كان أنه يفعل ذات الشيء عند استثماره بالأسهم، فهو لا يعرف أي من المعلومات التي طلبها عندما يشتري الأسهم.

إن شراء أسهم شركة ما لا يختلف أبدا عن الدخول في شراكة مع أشخاص اخرين، فحامل السهم شريك في الشركة مثله مثل باقي حملة الأسهم صغارا كانوا أم كبارا. إن الالتزام بمتطلبات الإفصاح من شروط إدراج الشركات في أسواق الأسهم ولكن معظم المتداولين في الأسهم لا يستخدومنه كما يجب.

أول ما يجب أن يقوم به المستثمر هو الاطلاع على نتائج الشركة المالية في الفترة السابقة، وذلك يشمل قوائم الدخل والميزانية و التدفقات النقدية بالإضافة إلى أرقام المبيعات و التكاليف. تُقارن الأرقام الواردة في القوائم مع تلك التي وردت في فترات سابقة وتلك التي توقعت الإدارة تحقيقها. وجود أرباح تحققها الشركة بشكل مستمر أهم مؤشر على نجاحها. يرافق ذلك معدلات النمو والتوقعات المستقبلية والخطط الاستراتيجية واستثمارات الشركة. يمكن الحصول على تلك المعلومات من التقرير السنوي التي تصدره الشركة والإفصاحات الدورية التي يعلن عنها.

في التقرير السنوي يوجد تقريرين مهمين جدا لا يمكن إهمالهما. تقرير مجلس الإدارة وتقرير مدققي الحسابات. تشرح الإدارة في تقريرها أهم الأحداث التي حصلت في العام المنصرم وكيف تعاملت معها وتعرض بشكل موجز خططها المستقبلية، بينما يحمل تقرير مدقق الحسابات رأيه في حسابات الشركة والإجراءات الداخلية مدى كفاءتها.

من ناحية أخرى، يجب أن يكون لدى المستثمر فهم لطبيعة نشاط الشركة بالحد الأدنى ولا نعني هنا التخصص في ذلك، لكن لن يتمكن المستثمر من فهم التقارير وبناء قرارات عليها إن لم يكن لديه معرفة بالنشاط. هذه المعرفة يمكن الحصول عليها بالقراءة والمتابعة ولا تحتاج لدراسات أكاديمية. فمثلا من أراد الاستثمار في شركة تأمين، يجب أن يعرف العلاقة بين شركات التأمين وشركات إعادة التأمين وطريقة حساب التعويضات المدفوعة وقوانين التأمين في البلد الذي تعمل به الشركة وغير ذلك.

في الموارد البشرية، السير الذاتية لأعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية متوفرة ويجب الاطلاع عليها بدقة. هؤلاء الأشخاص هم من يضع خطط الشركة ويعملون على تنفيذها، لذلك فمعرفة الخبرات التي يتمتعون بها وتاريخهم المهني يعطينا فكرة عن قدرتهم على قيادة الشركة لتحقيق أرباح في المستقبل. هناك فرق على سبيل المثال بين أن يكون الرئيس التنفيذي للشركة متمتعا بخبرة واسعة في المجال وحاصلا على مؤهلات علمية مناسبة وبين وجوده في منصبه لمجرد كونه مساهما أو على علاقة بأحد المساهمين الكبار. لو كنتَ مالكا لشركة، هل ستعين مديرا لا تعجبك مؤهلاته؟ بالتأكيد لا، إذن لا تشتري أسهم شركة لا تعرف شيئا عن من يديرها.

في التنافسية وحصة الشركة في السوق، يتم مقارنة أداء الشركة مع أداء الشركات المنافسة في نفس المجال عبر الاطلاع على نفس المعلومات للشركات الأخرى. وهنا يمكن القيام بتحليلات مفصلة، حيث أن بعض الشركات التي تملك حصة أصغر قد يكون لديها فرص للنمو أكثر من الشركات الكبيرة التي تعمل بطرق تقليدية، أو العكس إذا كانت الشركة القديمة تتطور وتحافظ على مركزها في السوق. ما الذي يجعل أي مستثمر يشتري أسهما لشركة تناقصت حصتها السوقية لعدد متوال من السنوات؟ الجهل فقط.

الأمور المذكورة لا تشمل كل ما يجب على المستثمر دراسته قبل شراء الأسهم، حيث أن كل موضوع سيفتح بابا لمعلومات إضافية يتطلبها اتخاذ القرار، لكن بدون شك، فإن شراء الأسهم بدونها هو رمية في المجهول قد تصيب وقد تخطيء وهذا ليس استثمارا.

الأمر الاستثماري الأهم في النهاية هو العائد المادي. فالقرار اذا كان استثماريا، فإنه يبحث عن عائد جيد على المدى البعيد ولا يبحث عن الإثراء السريع. إن أداء الشركة و توزيعات أرباحها لا علاقة لهما بسعر السهم. بل العكس تماما، حيث أن سعر السهم يجب أن يكون نتيجة للأداء إذا وضعنا جانبا أثر المضاربات. حتى المضاربات أثرها محدود زمنيا مهما طالت الفترة. في النهاية، لن يكون هناك سعرا مرتفعا لشركة تخسر ولا توزع أرباح.

ختاما، فإن نصيحتي لأي شخص يعتبر ما ورد في هذا المقال تعقيدا للاستثمار أو أشياء لا داعي لها، أن يبتعد عن سوق الأسهم لأنه بالتأكيد قد خسر الكثير من أمواله عن جهل وعدم دراية.
الخطيب