3666 144 055
[email protected]
كما هو معلوم أن المصارف بدأت في تطبيق الأنظمة الجديدة للتمويل العقاري، التي طالما انتظرها كثير من الأفراد لتوفّر لهم فرصا جيدة وعادلة للحصول على تمويل عقاري، ويتميز النظام الجديد بأمور متعددة، قد يكون لها الأثر في انتظام هذه السوق العقارية، التي لم تأخذ في تمويلها صورة منتظمة تتناسب مع حجم السوق والنشاط فيها، واحتياج الأفراد إلى مثل هذا النظام، إضافة إلى الضمانات التي تشجع المستثمرين والشركات المالية للاستثمار في هذه السوق، خصوصا أن التمويل العقاري يمكن أن يُحدث في المملكة نشاطا كبيرا جدا قد يستقطب مئات المليارات من الاستثمارات لهذا القطاع الذي أصبح ينمو بصورة كبيرة وتتطور صور أدواته واستثماراته، وقد توجد مستقبلا مجموعة من الأدوات الاستثمارية التي تعزز كفاءة السوق المالية وتزيد من عمقها، من خلال ما يمكن أن يقدمه هذا النظام من أدوات مالية متعددة. ومن خلال قراءة في الأنظمة الخاصة بهذا التمويل، نجد أنه من المهم إبراز بعض القضايا التي يمكن أن تكون محل اهتمام المستفيد من المواطنين:
من ملامح هذا النظام أنه جعل الاستثمار في هذا المجال متاحا لجهات متعددة من غير المصارف، إذ إن المصارف كانت مسيطرة بصورة شبه مطلقة على هذا القطاع، ما حمّل المواطن عبئا كبيرا بسبب ضعف المنافسة في هذه السوق، إضافة إلى إلزامه بأمور قد لا يرغب فيها؛ بسبب طلب تحويل الراتب إلى المصرف الممول مدة العقد كاملة، التي قد تمتد إلى فترة طويلة جدا، والمصارف عمليا بقيت محتكرة للتمويل بصورة عامة خلال الفترة الماضية، باستثناء بعض المؤسسات التي تقدم برامج تمويلية من خلال التقسيط والتأجير، إلا أن ذلك لم يكن في إطار الأنشطة التي تشرف عليها مؤسسة النقد، وتبقى أنشطة محدودة جدا ولا تفي باحتياج المواطن، إضافة إلى فرضها قيودا مبالغا فيها أحيانا، وتوجد بها أشكال فيما يتعلق بالضمانات التي يمكن أن يمنحها طرفا العقد للآخر، ولكن في النظام الجديد تم الترخيص لمجموعة من الشركات من غير المصارف لمزاولة هذا النشاط.
من خلال موقع مؤسسة النقد الذي تناول مجموعة من الإجابات التي تهم المستفيدين من نظام التمويل العقاري، أبرز الموقع مجموعة من الفوائد لذلك فيما يهم الأفراد الذين يحتاجون إلى هذا التمويل، منها مسألة الشفافية، التي تؤثر في إعلانات المصارف للتمويل، والتي تأخذ صورا وأشكالا متعددة، فيظهر الإعلان، وكأن الربح الفعلي الذي يحصل عليه المصرف من التمويل نسبة منخفضة نوعا ما، حيث تقدم بعض المؤسسات المالية الربح، عطفا على كامل التمويل الذي يحصل عليه العميل، في حين نجد أن العميل يعيد جزءا كبيرا من حجم التمويل خلال فترة السداد، وهنا يأتي الفرق بين طريقتين لحساب أرباح التمويل الذي تقدمه المصارف، فبعضها تذكر الربح المتحقق من نتائج كامل التمويل، وهذا يظهر وكأنه نسبة منخفضة، والتي تحسب الربح بطريقة المعدل السنوي التناقصي للتمويل، باعتبار أن الحساب للربح يكون على المتبقي بعد كل قسط يتم سداده من التمويل، فيظهر الربح أعلى من النسبة بالطريقة الأولى بأقل من الضعف قليلا، والطريقة الثانية أكثر شفافية. وهذه الشفافية مهمة في إعطاء العميل صورة واضحة عن حجم الكلفة الحقيقية للتمويل، وهذا الأمر متبع في كثير من دول العالم.
من ملامح النظام الجديد اهتمامه بموضوع السداد المبكر، إذ إن التمويل العقاري يمتد لفترة طويلة جدا قد تصل إلى 25 عاما، وفي ظروف معينة يصعب على الفرد شراء العقار في المراحل الأولى من حياته، ولذلك قد يلجأ إلى التمويل، فإذا ما تحسنت حالته المالية، فإن كثيرا من الأفراد يفضل عدم وجود أعباء مالية من ديون أيا كان سببها، ولذلك فإنه يفكر دائما في سداد أي التزام عليه، سواء من مصرف أو غيره، ومنه مسألة التمويل العقاري، بل إن البعض يمكن أن يختار في مرحلة تكوين الأسرة شراء وحدة سكنية صغيرة، ومن ثم عندما تكبر لديه العائلة يبحث عن فرصة لشراء سكن أكبر مساحة، وفي كلتا الحالتين سيجد نفسه مضطرا إلى إكمال المدة أو دفع كامل الأقساط المطلوبة كاملة، ولكن يظهر أن النظام الجديد سيلزم الجهة الممولة باحتساب الربح عن المدة السابقة، دون احتساب الأرباح للمدة المتبقية في حال رغب العميل في السداد المبكر، وهذا ما يجعل الفرصة مواتية له لشراء عقار آخر مناسب له أو الانفكاك من الدين الذي عليه بصورة أكثر عدالة. من أهم ملامح هذا النظام أنه يحقق نوعا من العدالة بين طرفي العقد، إضافة إلى توفير الضمانات التي تسهم في حصول العميل على فرص تنافسية أفضل، فالنظام الذي يسمح للمصارف برهن العقار يعزز من تنافسية هذا القطاع، ويشجع المصارف على الاستثمار فيه، باعتبار أن المخاطر أصبحت أقل، وهذا قد يشجع المصارف أيضا على عدم إلزام العميل بأمور تتعلق مثلا بالالتزام بتحويل الراتب لديها أو طلب كفيل غارم، والاحتفاظ بصك ملكية العقار وعدم تسجيله باسم العميل إلا بعد سداد كامل الأقساط.
من الإشكالات الموجودة في النظام أنه فرض على العميل أن يدفع 30 في المائة من قيمة العقار، وهذا وإن كان يحقق للمؤسسات المالية نوعا من الحد من المخاطر التي قد تتحملها نتيجة هذا التمويل، إلا أنه يزيد من صعوبة فرصة حصول بعض المواطنين على تمويل عقاري، بسبب عدم القدرة على توفير الحد الأدنى للحصول على التمويل، ويبقى أن النظام في المراحل الأولى للتطبيق والتجربة وستُحدد إيجابياته وسلبياته.
نقلا عن الاقتصادية
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734