3666 144 055
[email protected]
هو رجل أعمال شاب وناجح في تجارته وكرس دوره في بند المسؤولية الاجتماعية في تنمية الأعمال الصغيرة والمتوسطة، ولذلك شارك في لجانها على مستوى منطقته القصيم وعلى مستوى المملكة وأصبح على تواصل بكافة المبادرين بالأعمال من الشباب ليناقش معهم المحفزات لتستثمر في تنمية الأعمال الصغيرة والمتوسطة والعوائق لتذليلها.
أحد الأصدقاء قال لي إنه على تواصل مستمر مع رجل الأعمال هذا وطالبه بأن يركز جهده في خدمة المجتمع في معالجة عدم وجود خطة رئيسية للبلاد master plan بشأن تنمية قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة خصوصاً أنها الطريق الأمثل نحو تنويع مصادر الاقتصاد السعودي وحيد المصدر، فضلا عن كونها منشطا رئيسا للعجلة الاقتصادية وتعزيز سياسات توليد وتوطين الوظائف وتنمية الموارد البشرية ومكافحة العوز والحاجة واستغلال الموارد المحلية المتاحة وتوسيع الأسواق وتنمية القطاعات الاقتصادية وتشجيع روح الابتكار والإبداع وتعزيز التنافسية وتحقيق فوائدها.
رد رجل الأعمال الشاب الذي يمارس مسؤوليته الاجتماعية من خلال دعم المبادرين بالأعمال أنه يائس من تفاعل الأجهزة الحكومية المعنية وذات الصلة بشكل مباشر أو غير مباشر بشأن مثل هذه الخطة الضرورية التي تذلل العوائق التي تتزايد بمرور الوقت، وأنه عزم ومن معه من الشباب أن يدعموا قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة في ظل كافة العوائق المتاحة التي بات تذليلها شيء بعيد المنال. أعرف أكثر من صديق مارس الأعمال الصغيرة وأصابته حالة من الاكتئاب بعد أن وجد نفسه يتعامل مع أكثر من جهة كل منها يعمل على حده وكأنه جزء منفصل فمن وزارة التجارة إلى البلديات إلى الغرف التجارية إلى وزارة العمل إلى مصلحة الزكاة إلى الجوازات إلى الدفاع المدني و.. و.. والكل لديه إجراءات ويتطلب وقتا وتكاليف والمحل مستأجر والإيجار يحسب، فما بالنا إذا أضفنا إلى ذلك متطلبات ما تحت الطاولة لتجاوز تلكك وتعسف بعض موظفي هذه الجهات التي بات الكثير من قصصها للتندر حيث طالب أحدهم صاحب مطعم بأن يبلط سقف المطعم ليمنحه ترخيص البلدية، وأحدهم قال إن نظام منح التأشيرات يمنع أن يرفع ملفه إلى الرياض إلا بعد مرور شهرين من تاريخ تقديم المعاملة لأن المعاملة تتطلب دراسة عميقة!
أوضحت دراسة لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية قبل أكثر من 5 سنوات أن أهم معوقات قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة مشكلة التمويل والمتمثلة في صعوبة الحصول على التمويل اللازم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومحدودية المصادر المتاحة لتمويل هذه المشروعات، والإجراءات الإدارية والبيروقراطية وتعقيداتها وارتفاع تكلفة الإجراءات المطلوبة للترخيص لتلك المشروعات وطول الفترة الزمنية لإنهاء تلك الإجراءات إلى جانب تعدد الأطراف الحكومية المعنية بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة وعدم وجودها في بعض الدول، وأيضا ضعف أو قلة خبرة المهارات الإدارية والكفاءات الإنتاجية والافتقار إلى دراسات الجدوى الاقتصادية وغياب قوانين حماية حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع أو ارتفاع تكلفة تسجيل تلك البراءات. وأقول إن هذه المعوقات ما زالت قائمة دون علاج بكل تأكيد. نعم، وزارة التجارة لا استراتيجية لديها لتنمية قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة وكذلك وزارة العمل لا تهتم بأثر قراراتها على هذا القطاع رغم أنه السبيل لتوليد الوظائف التي يمكن أن تستوعب الأعداد الهائلة الداخلة إلى سوق العمل سنوياً، ومصلحة الزكاة لا تفكر بتاتاً في أثر جباية الزكاة بالأحوط على أصحاب هذه المنشآت، مؤسسات التمويل لا تمولهم لضعف الضمانات، وأموالها مدخرات لا تجازف بها، والبرامج الحكومية التمويلية لهذه المنشآت محدودة. فما السبيل لتنشيط وتنمية هذا القطاع المهم والحيوي الذي يعتبر أساس حل مشكلة الاقتصاد السعودي؟
أعرف شركات كبرى كثيرة أصبحت تستثمر معطيات السوق والموارد المحلية بشكل أكثر من ممتاز، كانت شركات صغيرة نجحت في بناء النموذج الاستثماري، ثم قفز عليها مستثمرون كبار وأصبحت شركات كبرى تصدر آلاف الأطنان من الدواجن والربيان والألبان والمنتوجات الصناعية إضافة إلى ما تقدمه من خدمات هائلة في الداخل السعودي، والسوق السعودية هائلة ومحط أنظار المستثمرين الأجانب إضافة إلى المستثمرين المواطنين. ولكن يجب تذليل العقبات لننهض وليتحرك خط إنتاج الشركات الكبرى انطلاقاً من الصغرى مروراً بالكبرى.
وإذا كان تعزيز التنمية هو محور هدف مجموعة العشرين لتحقيق نمو قوي ومستدام ومتوازن وضمان اقتصاد أكثر قوة ومرونة للجميع، وهو الهدف الذي يشمل كل مجالات جدول أعمال مجموعة العشرين التي شاركت فيها المملكة العربية السعودية برئاسة ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – في أستراليا، أقول إذا كان هذا الهدف لماذا لا نتحرك لاستثمار وجودنا كعضو فعال في هذه المجموعة لتنمية قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة في بلادنا لكونه القاعدة الأساسية التي ننطلق منها نحو تحقيق نمو قوي ومستدام يضمن لنا اقتصاد أكثر قوة ومرونة؟
الأمير سلمان في كلمته التي ألقاها في افتتاح أعمال قمة العشرين في أستراليا قال “إننا نرحب بتوافق الآراء لترسيخ الثقة بالاقتصاد العالمي، وتحفيز نموّه واستدامته، وتعزيز جهود إيجاد فرص العمل على النحو الوارد في خطط العمل المُقرَّة في استراتيجيات النمو الشاملة لدول المجموعة”.
وأقول بكل تأكيد إن النمو والاستدامة وتوفير فرص العمل تتطلب من وجهة نظري الاهتمام البالغ بقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة كقضية أمن قومي وليس كقضية اقتصادية فقط.
إن وجودنا كعضو فاعل في مجموعة العشرين فرصة هائلة يجب استثمارها لمعالجة قضيتنا المصيرية الأولى والأهم وهي قضية تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد بشكل رئيس على النفط كمصدر وحيد للاقتصاد بتنمية قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة وفق معايير الدول المتقدمة التي حققت نجاحات باهرة في هذا القطاع.
نقلا عن الاقتصادية
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734