3666 144 055
[email protected]
ما الذي حصل في أسواق العالم، أسعار النفط والسلع والمعادن في انخفاض، وارتفاع في أسعار الدولار مقابل معظم العملات الرئيسة، قلق لدى الاقتصاديين محليا وعالميا من هذه التقلبات، سوق الأسهم في المملكة تشهد تقلبات في أسعار الشركات دون اتجاه واضح لما سيكون عليه السوق مستقبلا، القلق كبير في أوساط العقاريين لاعتقادهم أن التقلبات في أسعار العقارات قد تكون قادمة لا محالة.
ما السبب في كل هذه التقلبات المفاجئة التي لم يحسب لها الكثير من المستثمرين حساب، بل قد يكون الاعتقاد السائد حينها أن أسعار النفط بالذات قد تشهد تقلبات في الأسعار خصوصا مع تضاءل فرص الوصول إلى حل بين الدول الغربية وإيران للحد من استمرار برنامجها النووي الذي يمكن أن يأخذ بعدا عسكريا، كما أن التقلبات السياسية في المنطقة بعد دخول الغرب طرفا في الحرب قد يكون له أثر في ارتفاع أسعار النفط، خصوصا بعد الموقف الروسي، والاتفاق بين الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية على توجيه عقوبات اقتصادية لروسيا لثنيها عن موقفها تجاه الأزمة في أوكرانيا.
كثير من المحللين نظر إلى موضوع التقلبات الاقتصادية على أن هناك بعدا سياسيا للضغط على روسيا وإيران للتنازل عن موقف الأولى من أزمة أوكرانيا، وثني إيران عن طموحها النووي الذي قد يحدث زعزعة لاستقرار المنطقة خصوصا أن إيران حاليا وفي ظروفها الاقتصادية الصعبة تدعم إحداث زعزعة وأزمات سياسية في المنطقة خصوصا في اليمن حاليا وسورية، فكيف بها إذا ما توصلت إلى إنتاج سلاح نووي.
والبعض الآخر يتحدث عن أن الاقتصاد العالمي فعليا يشهد نوعا من ضعف النمو في شرق آسيا بصورة عامة والصين بوجه خاص، ما سيؤدي قطعا إلى ضعف الطلب على النفط، وبالتالي ستشهد الأسعار مزيدا من الانخفاض ما لم يكن هناك موقف من منظمة أوبك لتخفيض الإنتاج ومن ثم يقل العرض في السوق وتتحسن الأسعار.
لا شك أن التقلبات في الأسعار أمر وارد جدا، فكلما ارتفعت الأسعار سابقا إلى مستويات تاريخية ثم تراجعت، فإن تراجع الأسعار ومن ثم الاستقرار أمر وارد كذلك، ولكن في الغالب أن لمثل هذه التقلبات سببا أو أسبابا متعددة، ومن هنا بدأ كثير من الاقتصاديين تحليل الوضع الراهن ودراسة الأسباب ومن ثم توقعاتهم للحالة الاقتصادية في المستقبل.
من الأسباب التي يمكن أن تكون لمثل هذا التراجع في الأسعار توجه الحكومة الأمريكية من برنامج التيسير الكمي الذي استمر لسنوات، وبرنامج التيسير الكمي يقوم على عمل الحكومة الأمريكية بشراء السندات الحكومية من خلال إصدار نقود جديدة بغرض ضخ السيولة في الأسواق للخروج من حالة الركود التي كان يعانيها الاقتصاد الأمريكي، وهذا ما جعل البرنامج يستمر إلى أن بدأت مؤشرات تحسن الاقتصاد الأمريكي تتوالى، وفي هذه الفترة عمد الاحتياطي الفيدرالي إلى تخفيض معدل الفائدة إلى نسب متدنية جدا هي أقرب إلى الصفر، وذلك للحد من الاستثمار في الديون وتوجيه السيولة إلى الأسواق لتعزز من انتعاشها، وهذا الإجراء تبعت فيه مجموعة من الدول في العالم الحكومة الأمريكية خصوصا الدول الكبرى اقتصاديا في دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، إضافة إلى اليابان وغيرها من دول العالم التي تضررت بسبب الأزمة المالية العالمية، كما أن مؤسسة النقد في المملكة التي جعلت من سياستها ارتباط ارتفاع وانخفاض سعر الفائدة بسعر الفائدة الأمريكية، ما خفض سعر الفائدة في المملكة إلى أدنى مستوياته، وذلك لتتمكن مؤسسة النقد من ضبط سعر الريال بمعدل ثابت للصرف مع الدولار الأمريكي.
بعد الانتهاء من برنامج التيسير الكمي فإن الذي حصل هو أن سعر الدولار ارتفع وبالتالي فإن ارتفاعه جاء مؤثرا في معظم السلع ومنها الذهب والنفط وكذلك العملات مثل اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني، وبالتالي فإن السلع التي تنشأ لاحقا عن النفط سوف تتأثر بهذا الانخفاض مثل منتجات البتروكيميكال، وغيرها من المنتجات التصنيعية، كما يتوقع أن تعمد الحكومة الأمريكية إلى رفع سعر الفائدة على الدولار وهذا ما قد يمتص جزءا من السيولة للاستثمار في الديون بدلا من السلع ومن هنا بدأت رحلة انخفاض أسعار السلع الأساسية في البداية وهذا واضح من خلال تقلبات أسعار الذهب التي بدأت تلامس سعر الألف ومائة دولار للأونصة بعد أن تجاوزت في فترة سابقة الألف وتسعمائة دولار للأونصة.
فالخلاصة أن التقلبات في أسعار السلع والعملات له أسباب متعددة ولا يمكن أن نغفل مسألة انتهاء برنامج التيسير الكمي للولايات المتحدة الأمريكية الذي قد يليه عاجلا أم آجلا رفع سعر الفائدة على الدولار وهذا قد يعزز من ارتفاع سعر الدولار مستقبلا، وبالتالي فإن استراتيجية الاستثمار لكثير من المؤسسات المالية قد تميل إلى الديون بدلا من السلع، فقد تشهد الأسواق المالية إقبالا أكثر على منتجات الصكوك الإسلامية والسندات خصوصا التي تعتمد سعر ربح أو فائدة متغير.
نقلا عن الاقتصادية
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734