الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يصرح مسؤول عن موضوع يخص الناس فيضع نفسه في مواجهة النقد الحاد إن هو لم يفلح في تنفيذ ما يقول. هذا هو الوضع الصحيح على الأقل، لكننا هنا في المملكة نشاهد تمادي كثير من المسؤولين في التصريحات التي لن يتحقق منها شيء.
أثق بأن القارئ لن يسألني عن أي شيء أتحدث، ذلك أنه يعرف من التصريحات والتلميحات “الفشوش” الكثير. طلبة المدارس يبدأون في التعرف على هذه الميزة وهم في مراحل تعليمية مبكرة. فوعود التطوير والمختبرات والورش وتعديل المناهج والبدء باستخدام تقنيات تعليمية، يسمعها الطالب وهو يحضر الأسبوع الترحيبي الذي يتحول إلى بكاء وعويل ما إن تنتهي فقرة توزيع الهدايا والطعام الذي توقعه بشكل واكتشف أنه أقل من توقعاته بكثير.
هذا الطفل هو ابن للعسكري الذي يسهر الليل في “خفارته” أو سيارته يحرس الوطن وأهله، ذلك الأب موعود – أيضاً – بأن يخرج من شقته إلى فيلا يتسلمها من وزارة الإسكان، وعد عمره بعمر الأب، تجدد بقوة بعد أن منحت الوزارة المليارات، لكنها لم تنتج. الأب موعود بترقية بعد أن أفنى عشر سنين “دأبا” في رتبته الحالية، وموعود كذلك براتب أفضل ينتظر إعلانه مع الميزانية.
أم الطفل موعودة بوظيفة بعد أن قضت سبع سنين تنتظر التعيين وتطارد “الحافز” الذي يكاد يهرب منها كل أسبوع. جيران الطفل يعيشون على وعد آخر بأن يتم صرف التعويض عن منزلهم الذي أخرجوا منه بعد أن كادوا يهلكون نتيجة السيول الجارفة. وزميله في الصف موعود بالعلاج في الخارج حالما تنتهي إجراءات اللجنة الطبية.
الحي الذي يعيش فيه الطفل موعود بإضاءة شوارعه، وموعود بإزالة مخلفات البناء التي وعدت البلدية بإزالتها، وموعود بردم الحفرة التي سقطت فيها أكثر من سيارة، وقد لا يسلم منها البشر كما حدث في حي آخر من المدينة التي يسكنها الطفل.
ليس غريبا أن ينمو الطفل وتنمو معه مناعة ضد التصريحات، فهو يكذب كل تصريح يشاهده في أي وسيلة إعلامية، على الرغم من أن التصريحات تعترف بالواقع وتعد بالحقوق.
بالأمس سمع الطفل تصريحا أن راتب والده سيكون مساويا لراتب أقرانه في الإمارات أي 30 ألف ريـال، لكنه محصن ولن يصدق.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال