3666 144 055
[email protected]
ALQRNIAA@
نعم إنها الصين تلك الحضارة الغارقة في القدم، التي تحكمت بها الكنفوشوسية كمنهج للحياة والعبودية والنظام والانعزال؛ اعتمدوا على الزراعة لقرون للاكتفاء؛ صنعوا الورق، والبارود، والخزف، والحرير، والحديد، والفحم؛ وأنشئوا على إثرها خط الحرير الشهير؛ لم يحتكوا بالعالم الخارجي، ورفعوا شعار “دع الصين راضية تدخر قوتها لكي تقاوم الأعداء” فأتتهم وفود الاستعمار البرتغالية والهولندية والإنجليزية والأسبانية؛ ونهبت خيراتهم، وتقاسمت أراضيهم؛ حاربوا اليابان فاحتلتهم!
تعرضوا للمهانة، والذل، وفرض المعاهدات غير المتكافئة عليهم؛ ثاروا كثيرا ضد المحتلين؛ صاح مثقفيهم فليسقط كنفوشيوس! في إشارة إلى عجزهم عن مجارة الأمم؛ وجدوا الأمل في الشيوعية بعد نجاحها في الإتحاد السوفيتي، فكانت الثورة، وتمكنت من الاستقلال؛
ولكنها انغلقت على نفسها مرة أخرى في مرحلة سيطر عليها فكر الملكية الجماعية، والمساواة، والتخطيط المركزي، فعاش معظم الشعب تحت خط الفقر، وأضحت الحياة منغلقة، وقاسية، ومملة، وتسلطية ظالمة، وبلغ اليأس، والحنق مداه، ومات الاقتصاد، وانهارت البنوك، وحوصرت الأفكار، وتبلد الشعب؛
حتى بدأت أمريكا في محاصرة المد السوفيتي، فاتجهت إلى التقارب مع الصين؛ وأنشأت مجموعة الأسيان؛ وتعد الانطلاقة الصينية الحقيقية عقب انعتاقها اقتصاديا من الاشتراكية، وتبنيها لأفكار اقتصادية رأسمالية، نفعية، تبادلية، منفتحة على العالم؛ فبدأ الإصلاح الاقتصادي تدريجيا عام 1976م؛ ويشير الاقتصاديون أن نقطة التحول الكبرى إلى نظام السوق كانت بإنشاء المدن الاقتصادية الخاصة اللامركزية عام 1780م؛ والتي تهدف إلى جذب الاستثمارات، والتكنولوجيا الأجنبية إليها؛ بغية زيادة الصادرات؛ وفي زمن وجيز أصبحت هذه المدن تعمل كمغناطيس شديد الجاذبية لرؤوس الأموال حول العالم؛
ومع ما رافق إنشاء المدن من تحديث، وإصلاح إداري، وهيكلي كبير على كل المستويات الاجتماعية، والاقتصادية، والإدارية، والمالية؛ امتدت هذا المدن الاقتصادية، وتوسعت إلى مناطق صناعية عملاقة؛ سريعة النمو، شديدة الجاذبية؛ وذلك لتوافر عدة مزايا تفضيلية، فاليد العاملة متوفرة، ومهنية، ورخيصة؛ والحرية، والعدالة مكفولة من الدولة تماما؛ والخدمات المساندة متطورة، ورخيصة جدا؛ والفعالية الإدارية، والاستشارية متقدمة؛ والضرائب رمزية؛
وبهذا فقد انتهجت الصين مبدأ الدولة التجارية، وفق نظرية (القط) الصينية والتي تعني: القبول بأي استراتيجية اقتصادية من شأنها تحقيق النمو الاقتصادي؛ فركزت على الصادرات ودعمتها كما، وكيفا؛ وحمتها داخليا، وخارجيا؛ وجابهت كل العوائق، والقضايا؛ وناضلت سياسيا؛ حتى جابت بحار العالم، واحتلت الأسواق، ودخلت أعتى الأسواق الأوربية، والأمريكية باقتدار؛ وحاصرت العالم بمنتوجاتها الأصيلة، والمقلدة، والمقتبسة، وهيهات! هيهات! لأحد أن يقترب.
إنها الصين يا سادة! نعم إنها الصين! وهذا يكفي.
القرني
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734