الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
باحثة دكتوراه في أمن الطاقة
Sam_Tardi@
الإسراف مرض فتاك إذا ما أصاب مجتمع ما فإنه يدمره تدريجياً وللأسف الشديد انتشر المرض في المملكة العربية السعودية بطريقة بشعة حتى أصبح الإسراف لقب يطارد المواطن السعودي أينما ذهب، المشكلة لا تكمن في الإصابة بالمرض ولكنها تكمن في عدم الإحساس به و التعايش معه.
لماذا نحن مسرفون؟
بيوتنا .. تصاميم البيوت في المملكة العربية السعودية تفتقر إلى أبسط معاني الترشيد، فتجد عائلة مكونة من 4 أشخاص يعيشون في بيت مساحته تكفي لـ 15 شخصاً، إضافةً إلى ذلك هناك تبذير شديد في استخدام الطاقة الكهربائية سواءً في التكييف أو الإنارة أو الأجهزة الأخرى ، مما أدى إلى ارتفاع استهلاك الطاقة الكهربائية بشكل غير مرضي حتى أصبح متوسط استهلاك الفرد في المملكة يبلغ ضعف متوسط الاستهلاك العالمي.
الجدير بالذكر أن قطاع المباني في المملكة العربية السعودية يستهلك 80% من الكهرباء في حين يمثل التكييف 50% من هذا الاستهلاك، و من أجل الحصول على حلول علمية تعالج مشكلة هذا النوع من الإسراف في الاستهلاك تم انشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة كجهة حكومية مسؤولة عن ترشيد الطاقة.
سياراتنا .. تعتبر السيارة هي وسيلة النقل الشائعة في المملكة العربية السعودية، ومع هذا لم يكن هنالك أي اهتمام بوجود معايير عالية الكفاءة لاستهلاك الطاقة في السيارات، وانخفاض سعر البنزين أيضاً أسهم بشكل كبير في ارتفاع معدل استهلاك قطاع النقل للطاقة في السعودية.
هنا لا ألقي اللوم على المواطن السعودي في ارتفاع الاستهلاك المحلي في قطاع المواصلات والإسراف في استخدام البنزين أو الديزل ولكن هناك أسباب رئيسية أدت إلى ذلك:
سوء البنية التحتية، الافتقار إلى المواصلات العامة، و قلة الوعي بالنسبة للأمور المتعلقة بالبيئة والتلوث الهوائي. ولأهمية هذا الموضوع بدأت وزارة التجارة والصناعة السعودية بإلزام وكلاء الشركات المصنعة للسيارات بوضع بطاقة كفاءة الطاقة على السيارات من بداية عام 2015 وذلك لتوضيح مدى استهلاك الطاقة لكل سيارة.
ووفقا لذلك قام المركز السعودي لكفاءة الطاقة بالتعاون مع الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس لإعداد بطاقة توضح للمستهلك مدى استهلاك الطاقة لكل طراز من السيارات، حيث سيتم تصنيف قيم اقتصاد الوقود إلى ستة مستويات: ممتاز ، جيد جدًا ، جيد ، متوسط ، سيء ، سيء جداً.
أخيراً .. هل تحتاج السعودية إلى معجزة للتخلص من مرض الإسراف؟ هل نحتاج نحن كمستهلكين إلى تغيير سلوكنا ونمط معيشتنا وطريقة تفكيرنا أم سنوّرث المرض لأبنائنا وأحفادنا؟ قبل أن تجيب على سؤالي فكر في قوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا}..
صدق الله العظيم
خان
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال