الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
@ahmad_khatib
يمكن أن نصف ما حدث لأسعار النفط مؤخرا بالانهيار، فقد انخفضت بوتيرة سريعة لأدنى مستوى في خمس سنوات مع أن ذلك كان قد بدأ يظهر كنتيجة متوقعة خصوصا بعد هبوط سعر النفط تحت ٩٠ دولار ( خام تكساس).
التوقعات بدت متشائمة منذ البداية لتداخل العوامل السياسية ولعبها دورا اكبر من العوامل الاقتصادية. الخوف من تدني أسعار النفط بطبيعة الحال يثير القلق لاعتماد حكومات الدول المنتجة على الدخل المحصل منه وبالتالي فإن انخفاض عوائد النفط يدعو الحكومات الى تخفيض صرفها على المشاريع الجديدة. من ناحية أخرى فإن الصناعات التي تعتمد على النفط أيضا تتأثر ويكبر الأثر على الاقتصاد.
أحاول دائما الابتعاد عن التعليق على أسواق النفط نظرا لحاجتها إلى شروح طويلة لا تكفي المقالات لتغطيتها، ولا أقوم بذلك في هذا المقال بل يهمني التعليق على حالة الخوف التي انتشرت في الأسواق بسبب تراجع أسعار النفط. مستثمرو أسواق الأسهم في الواقع زاد قلقهم مؤخرا بعد أن حصلت عدة خضات في الأسواق لأسباب مختلفة، وقد نرى مزيدا من الهلع قريبا.
ما أراه في الأسواق عادة، وبشكل كبير جدا مؤخرا، هو التركيز على العوامل المحيطة بالأسواق أكثر بكثير من العوامل المباشرة الخاصة بالقرارات الاستثمارية إلى درجة إهمالها في كثير من الأحيان. لا يمكن فصل أداء الشركات عن محيطها والتغيرات التي تحصل قي الاقتصاد بكل تأكيد، لكن بالمقابل لا يجوز اتخاذ قرارات أو بناء توقعات بدون تحليل التفاصيل المباشرة. على سبيل المثال، اتخاذ قرار الخروج من السوق بسبب تراجع سعر النفط بدون الالتفات إلى نتائج الشركات هي عملية ساذجة، فالمستثمر لم يشتر نفطا كي يعتبر أنه خسر بانخفاض السعر.
لا داعي لتكرار أنه من الأساسي تحديد أهداف الشخص في السوق من ناحية كونها استثمارية أو مضاربية فالموضوع أشبع تعليقا مؤخرا. فالأهداف هي ما تحدد نقاط الخروج والدخول للمستثمر بعض النظر عن العوامل الأخرى. لا يمكن لأحد أن يدخل السوق وهو لا يعرف كم يريد أن يربح أو أقصى حد يتحمله عند الخسارة. إذا حدد الشخص تلك الأهداف فلا تهمه أسعار النفط ولا يحتاج لأن يتخصص في كلفة استخراجه.
بدأت الأسواق موجة صاعدة لسبب رئيسي وهو أن أداء الكثير من الشركات كان جيدا، وهنا أتحدث عن أسواق الأسهم بشكل عام ولا أعني بلدا بعينه. طبعا مستوى الارتفاع ووتيرته قد تكون مضخمة بسبب المضاربة، لكن الأساس أن الأداء جيد. باستثناء الشركات التي تعمل في مجالات النفط، لا أرى أن انخفاض أسعار النفط سيؤثر على أداء الشركات. بل العكس تماما، ففي بعض الصناعات سيؤدي ذلك إلى خفض التكاليف وارتفاع الأرباح مثل صناعات السفر والسياحة. حتى نرى تغييرا اقتصاديا جوهريا ينقلنا من حالة إلى أخرى فإننا بحاجة إلى متابعة تأثير تغير أسعار النفط لفترة طويلة، مع التذكير بأنها ليست وحدها من يحدد التغير الاقتصادي.
المستهلك هو الأساس في تفعيل الدورة الاقتصادية في أي مجال كان، وهو من يحدد زيادة الطلب أو انخفاضه. والمستهلك حاليا يبدو أنه يقوم يدوره، مع تحفظي على الكثير من الأرقام الاقتصادية و طريقة النظر إليها. دور المستهلك هو طرف الأموال التي يحصل عليها على خدمات الشركات ومنتجاتها. وإذا تابعنا الأرقام الاقتصادية من الصين إلى الولايات المتحدة، فإن العديد من الشركات تؤدي اداء جيدا و يوجد في كل الأسواق شهية مرتفعة للمخاطر، وهذا لا ينقلب بين ليلة وضحاها.
أدت بعض البنوك المركزية دورها في ضخ الأموال و يتوقع أن يقوم المزيد منها بذلك. لا أدافع هنا عن هذه الأساليب فأنا من المعارضين لها، لكنني لا يمكنني تجاهل أنها خلقت دورة اقتصادية إيجابية للمرحلة القادمة، ولا أعتقد أن أسعارالنفط وحدها قادرة على أن تغير الوضع. لذلك فأنا أعتقد أن الهلع الحالي بسبب تراجع أسعار النفط مبالغ فيه و لا داعي له.
الخطيب
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال