3666 144 055
[email protected]
[email protected]
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
تمر الاسواق المالية من وقت لآخر بفترات ضبابية بسبب المتغيرات المحيطة بها والتي تؤثر على أدائها. معظم تلك العوامل في أي سوق تكون اقتصادية مثل الوضع الاقتصادي أو معدلات التضخم والنمو أو القوانين والتشريعات أو غيرها من العوامل المهمة. ويمر السوق السعودي حاليا بالكثير من تلك المتغيرات من هبوط أسعار النفط إلى تأثير الأسواق العالمية. لكن السوق السعودي على وجه التحديد يبدو أنه يمر بمرحلة حساسة تكاد تكون مرحلة إعادة هيكلة إذا جاز التعبير. ففي خضم التقلبات الاقتصادية المشار إليها، تتالت عدة أحداث لم يتعود السوق على أي منها بهذا الشكل، فدخل المستثمرون في دوامة لا يعرفون كيف يخرجون منها.
ليست كل المتغيرات سلبية، بل إنني أعتبر الكثير منها إيجابي لناحية فرض الإجراءات الرقابية مما يعزز الثقة في السوق على المدى البعيد. من تلك المتغيرات قرار السماح للمستثمرين الأجانب بالتداول في السوق السعودي مستقبلا مما ولد نظرة تفاؤلية عند المستثمرين توقعا لنمو حجم السوق. ظهر بعد ذلك إعلان شركة موبايلي عن تعديلات ضخمة في بياناتها المالية وصلت إلى تعديل أرقام سنوات سابقة. ثم صدرت بعد ذلك عدة إعلانات عن هيئة سوق المال تتعلق بعدد من القضايا. وزاد خوف المستثمر واتسعت الضبابية.
كما أشرت، فإنني أعتبر القرارات والإعلانات الرقابية إيجابية مهما كانت آثارها الأولى سلبية، فهي وحدها تضع الأسس التي يتبعها السوق على المدى البعيد كسوق قوي يحصل على ثقة الأوساط المالية المحلية والأجنبية. لذلك، أعتبر أن عملية إعادة هيكلة تجري حاليا في السوق. في مثل هذه الحالة كيف يتصرف المستثمر؟ الجواب هو أن يقوم بتحليل الحالات واتباع أحد الخيارات المتاحة له بناء لخططه الاستثمارية.
قامت هيئة سوق المال برفع دعاوى بخصوص شركة أدرجت وأوقف التداول بها منذ عدة سنوات. طبعا لا شيء ممكن القيام به حاليا لحملة أسهم الشركة المتوقفة عن التداول بانتظار نتائج التحقيق، لكن على المستثمر أن يأخذ إجراء هكذا كعامل ثقة للمستقبل لأن جميع الأطراف التي من الممكن أن تكون أخطأت وألحقت خسائرها بالمستثمرين طالها الادعاء. ويبدو أن الأمر وصل للمرة الأولى إلى مراجعي الحسابات، حيث حذرت هيئة سوق المال الشركات العاملة في السوق من التعامل مع أحد أكبر مراجعي الحسابات في العالم وهي خطوة لا تتكرر كل يوم.
على صعيد آخر، ظهر إلى العلن خلاف على مبالغ مليارية بين شركتي اتصالات كبرى، حيث تطالب موبايلي شركة زين بمبالغ كبيرة تعتبرها شركة زين غير مستحقة. ماذا يعني ذلك فعليا؟ إنه بكل بساطة يعني أن إحدى الشركتين على وشك تسجيل خسارة بالمبلغ موضع الخلاف لأن موبايلي أما أن لا تحصل مبالغ قد سجلت كإيراد أو أن زين ستتحمل مبالغ لم تسجلها كمستحقات. هذا التفسير المحاسبي للأرقام.
أيضا أعلنت هيئة سوق المال عن خطتها الاستراتيجية للخمس سنوات القادمة والتي تم التركيز فيها على تعزيز حماية المستثمرين وتحسين بيئة الأسواق وغيرها من الأهداف الاستراتيجية. في رأيي أن الهيئة بدأت باتخاذ الإجراءات الملائمة تماشيا مع أهدافها المعلنة.
نعود للمستثمر الذي يبحث عن حل ينقذه من التخبط الذي تمر به الأسواق. في حال كانت أهدافه مضاربية و لديه نسبة خسائر محددة يلتزم بها، فإن الوضع الحالي غير مناسب للمضاربة والأفضل أخذ استراحة، إلا إذا كان الشخص يبحث عن المتعة بشراء وبيع الأسهم بغض النظر عن الربح والخسارة، فيمكنه الاستمرار بذلك. أما من كانت لديه أهداف استثمارية طويلة الأمد واختار شركاته بعناية، فالمفروض أن تأثير الأوضاع الحالية عليه يمكن استيعابه عبر الوصول إلى الأهداف النهائية فيما بعد، لكنه ممكن أن يفكر حاليا في الإبقاء على الشركات الأقوى لديه ليتمكن من الدخول في فرص أخرى متوقع أن تتوفر. المستثمر الحقيقي في النهاية سيكون المستفيد الأول مما يجري في السوق، فهو يبحث عن بيئة آمنة شفافة متطورة وهذا ما سيجده مستقبلا.
يتردد دائما أن الفرص تتوفر في الأزمات، وهذا صحيح، إلا إنني لا أميل إلى ذلك حاليا لأن الضبابية القائمة لا يمكن أن تعطي صورة واضحة لاستثمارات جديدة، أو بمعنى آخر فإن المخاطر ستكون أكبر مما يظهر. التركيز على تحليل أداء الشركات والتدقيق والتمحيص في بياناتها المالية أمر أساسي ولا يستهان به، وفي وجود حالات متعددة لأخطاء محاسبية يصعب الوثوق بأي بيانات.
أخيرا، هناك مجموعة كبيرة من الأشخاص العالقين في السوق يبحثون عن مخرج. هم دخلوا بدون دراسة ولا هدف ولا نسبة مخاطرة. لا يمكن تقديم النصح لهؤلاء في الوقت الحالي لأنهم قد يكونوا بحاجة إلى عراف أكثر من أي شخص آخر.
الخطيب
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734