3666 144 055
[email protected]
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
عنوان المقال مقتبس من شكوى أسمعها باستمرار من متداولين في سوق الأسهم. ردي دائما يكون بشرح مطول وإعطاء أمثلة عن أرباح تم تحقيقها في الأسواق. فمثلا هل ملاك المصارف والشركات الكبرى حققوا خسائر على مر السنوات؟ بالتأكيد لا بل حققوا أرباحا ممتازة.
اذا استمريت في شرحي يقاطعني من أتحدث إليه قائلا: هات الزبدة، نشتري أو نبيع؟ يستفزني هذا الرد جدا ولا أتعاطف مع قائله نهائيا ولا مع خسائره المتتالية. فبالنسبة لي، ذلك الشخص وأمثاله هم السبب الأول في خسائرهم ولا أحد غيرهم. وأكاد أقول أنهم سبب رئيسي في عدم تطور أسواقنا العربية. لو أردت إجابته بصراحة لقلت: الزبدة أن تخرج أنت وأمثالك من الأسواق وتتركوا ما أنتم به جاهلون.
معظم من يتداول في الأسواق من تلك الشريحة يقوم بذلك بحثا عن الثروة والربح لكنهم للأسف لا يعيرون أي اهتمام للمحافظة على أموالهم. لا أجد وصفا لشخص يرمي أمواله في المجهول وهو يردد أن المجال يجلب الخسائر سوى أنه يقامر، فالمقامرة ليست فقط بألعاب الميسر المحرمة. والمصيبة الأكبر أنه قد يتداول بأموال إما يحتاج لها أو أنه استدانها بحثا عن الربح.
ما يهمني بكل صراحة ليس المحافظة على أموال المصرين على الجهل بل الحد من تأثيرهم على الأسواق لإعطاء الفرصة للأسواق لتتطور وتنضج وذلك في رأيي ممكن اذا تم التركيز على بعض المتطلبات الموجودة وإضافة ضوابط أخرى تدريجيا.
في طلبات فتح الحسابات لدى الوسطاء يوجد عادة أسئلة تطلب من المستثمر الإجابة عن مصدر دخله وحجمه السنوي بالإضافة إلى خبرته الاستثمارية السابقة. يتم الإجابة على تلك الأسئلة بخفة ولا يتم التحقق من دقة الأجوبة. تلك الأسئلة هي متطلبات رقابية ولم توضع عبثا، وإذا لم تكن موجودة يجب التشديد عليها وتفعيل تقييمها. اذا تمكنا من منع أي شخص لا يملك الخبرة الكافية من التداول مباشرة في السوق نكون قد خطونا خطوة نحو التطور.
طبعا لا نقول هنا بمنع الأشخاص من التداول نهائيا، بل يمكنهم التوجه إلى وسائل أفضل وأضمن مثل الصناديق والمحافظ المرخصة، وأشدد على المرخصة لأنها وحدها التي تخضع للرقابة والتدقيق. وهذا التشديد كي نبتعد أيضا عن من يديرون الحسابات والمحافظ بصفة فردية ولا يقلون جهلا عن الشريحة التي أشير إليها.
إن توجيه سيولة أكبر باتجاه الصناديق بدلا من الأفراد بكل تأكيد سيكون عاملا إيجابيا للأسواق حيث أن معظم الصناديق تتبع خططا استثمارية طويلة الأجل وتحدد مخاطرها بحرفية ولا تتفاعل مع الخضات في الأسواق بشكل عشوائي. يشتكي الكثيرون من كلفة الاستثمار عن طريق الصناديق ويتهمونها بسرقتهم. أنصح هؤلاء بالقيام بحسبة بسيطة ومقارنة خسائرهم مقابل ما حققته الصناديق و حساب ما اذا كانت كلفة الإدارة أكبر من الخسارة.
يقول الأمير عبدالله بن مساعد، وهو المستثمر الخبير، في كتابه “ألف ميل في خطوة واحدة” أنه في مرحلة من المراحل قارن أداءه السنوي مع أداء أفضل عشرة صناديق عالمية فكان ترتيبه السابع. أحبطته النتيجة، لأنه اعتبر أنه لو عهد بأمواله إلى أحد الصناديق لحقق أداء أفضل ولكان قد استغل العشر ساعات التي قضاها يوميا متابعا ومحلا للأسواق في أعمال أخرى. أجزم أن من يحقق خسائرا ويقوم بالمقارنة ذاتها سيشعر بالإحباط الشديد.
العامل الآخر المؤثر سلبيا على الأسواق هو منح التسهيلات من قبل البنوك والمؤسسات المالية لمن لا خبرة له في التداول. مانحو التسهيلات طبعا يضمنون حقوقهم عبر رهن الأسهم و تسييلها اذا ما وصلت قيمتها الى مستوى يوازي التسهيلات الممنوحة. الخاسر في النهاية طبعا هو المستثمر وحده. لا اعتراض على التسهيلات وقيام البنوك بتنشيط الأسواق، لكن المشكلة هي في زيادة الأثر السلبي للشريحة المذكورة في بداية المقال. المطلوب في موضوع حصر التسهيلات هو مشابه لعملية التدقيق في حجم وخبرة المستثمر بحيث توضع قيود تحدد من يمكن له الحصول على تسهيلات في سوق الأسهم وعدم تخطي التسهيلات نسبة معينة من محفظة المستثمر، مع أن هذا ليس بالأمر السهل نظرا لتتداخل أطراف متعددة في العملية.
ختاما أقول أنه كلما توجهنا لزيادة نسبة المؤسسات في الأسواق على حساب الأفراد كلما تقدمنا في جعل الأسواق المالية أقرب للاحتراف منها للهواية وحرق الأموال.
الخطيب
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734