3666 144 055
[email protected]
أسدل الستار على عام 2014 وأقبل علينا عام جديد نتمنى أن تكون نتائجه أفضل من العام الذي سبقه. ولكن ونحن نحسب صافي أحداث العام الماضي وتوابعه لا يمكننا أن لا نشعر بالقلق أو الخشية من استمرار بعض الكسور السالبة معنا في العام الجديد. وبدون مبالغة فإن تراجع أسعار النفط هي واحدة من تلك المجريات التي سوف تتواصل معنا مؤثراتها خلال هذا العام. وأعتقد أن تسمية البعض لعام 2015 بعام التداخلات النفطية قريب من الواقع.
وعلى ما يبدو فإن الصين والهند ستكونان من بين أكثر البلدان استفادة إذاً من استمرار انخفاض أسعار النفط أو بقائها على المستوى الذي هو عليه الآن. ولذا فعلينا ألا نستغرب إذا ما حقق اقتصاد هذين البلدين نتائج أفضل من تلك التي كانت متوقعة خلال العام الماضي. أما الولايات المتحدة فإن اقتصادها سوف يكون عرضة للعديد من العوامل المتناقضة. فانخفاض أسعار النفط من شأنه بالتأكيد أن يقلل من تكلفة الانتاج. ولكن شركات الطاقة وبعض شركات الاستثمار سوف تتضرر جراء ذلك. وتجدر الإشارة هنا إلى أن ارتفاع الدولار ربما يعود على الاقتصاد الأمريكي بالفائدة. فتحسن سعر صرف عملة هذا البلد سيمكنه من الاستيراد بتكلفة أقل. وهذا على عكس الصادرات التي سوف يعود عليها ذلك بالسالب.
وإذا أردنا أن نشير إلى أكثر البلدان تضرراً من تراجع أسعار النفط فسوف نذكر فنزويلا وروسيا وإيران والعراق والجزائر وليبيا. وعليه فإنه ما لم ترتفع أسعار الذهب الأسود خلال هذا العام فإن اقتصاد هذه البلدان سيشهد مزيداً من التراجع. بل أن بعضها سوف يكون عرضة جراء ذلك لمزيد من الفتن والقلاقل وعلى الأخص فنزويلا وليبيا والعراق.
أما بلداننا الخليجية فإن اقتصادها مثلما نرى بدأ يتأثر. فسعر برميل النفط قد وصل إلى أقل من أدنى مستوى تم تحديده حتى في أكثر بلداننا تحفظاً، في هذا المجال، مثل الكويت. ولذلك فإن الميزانيات في دول المجلس لن تبقى متوازنة. ولكن نتيجة للاحتياطات المالية الضخمة التي تمتلكها الدول الخليجية المنتجة للنفط فإن السياسات المالية فيها ستكون توسعية. كذلك فإن السياسة النقدية التي تتأثر بالدولار سوف تكون كذلك على الأرجح.
من ناحية أخرى فإن هذا الوضع الذي صار يتكرر كلما انخفضت أسعار النفط يحمل في طياته العديد من الجوانب السلبية. فالتمويل بالعجز من شأنه أن يستنزف الاحتياطات المالية لدول المجلس. كما أن انخفاض أسعار النفط إذا ما استمر فترة طويلة فإنه سوف يؤدي إلى ارتفاع نسبة الدين القومي- وذلك على النحو الذي شهدناه في الفترة التي سبقت ارتفاع أسعار النفط عندما اقتربت تلك النسبة، في بعض بلدان المجلس، إلى حجم الناتج المحلي الإجمالي. وهذا ينعكس بالسالب على تصنيفها الائتماني.
ولهذا فإن تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط يزداد أهمية رغم أن مقدرة دول المجلس على تحقيقه في ظل تراجع أسعار النفط ليس مهمة سهلة نتيجة خصوصية الدورة الاقتصادية. فالقطاع الحكومي في بلداننا، مثلما نعرف، ينشط عندما ترتفع أسعار النفط ويتراجع مع انخفاض أسعاره.
نقلا عن الرياض
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734