3666 144 055
[email protected]
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
في أحد المؤتمرات المالية مؤخرا، جاءني شخص لا أعرفه يطلب مني نصيحة لمشكلة وقع بها. مشكلته كانت أنه حول أموالا لإحدى الشركات التي تعرف إليها عبر اعلان على الانترنت لتجارة العملات وبعد فترة حاول أن يسترد أمواله دون جدوى. سألته عن اسم الشركة التي حول إليها الأموال وصعقني جوابه : لا أذكر اسم الشركة!!
مع أسفي لخسارة الكثيرين أموالا بطرق مشابهة، إلا أنني أجد صعوبة في التعاطف مع من يقع فريسة خداع بأسلوب قمة في السذاجة.الشخص الذي أشرت إليه لم يحول مبلغا صغيرا، وهو فعل ذلك بمجرد أن رأى إعلانا أغراه بتحقيق ربح سريع.كما أنه ليس الوحيد الذي تعرض للخداع ولا أمثاله قلة من حولنا.
على مر العصور وُجد من يرسم خططا لخداع السذج بطرق مختلفة ولم تتوقف تلك الأساليب ولا هي ستتوقف.السبب في ذلك هو الطبيعة البشرية الباحثة عن الثراء السريع بدون منطق، أو عن دخل إضافي بدون فهم للمخاطر.لذلك فإن معظم الإعلانات التي تجذب هذه الفئة تلعب على العواطف والغرائز عبر استخدام مصطلحات تدل على ضمان الربح والثروة.
لا يوجد في العالم ما يحقق ثروة هائلة من استثمار صغير في وقت قصير سوى ألعاب الحظ والقمار.كل ما يتم الترويج له من تجارة العملات والأسهم والأوبشينز وغيرها، صحيحة وموجودة وليست خطأ بذاتها، لكن طريقة استخدامها وتسويقها هي ما تندرج تحت مسمى النصب والاحتيال.
مع تطور التكنولوجيا وانتشار استخدام الانترنت، أرى أن الباحثين عن الثراء السريع أصبحوا أكثر سذاجة من قبل. ففي السابق كان تجار الوهم يصلون لضحاياهم ويقنعونهم ببضاعتهم ولا يملك المساكين وسائل كثيرة للبحث عن صحة ما عُرض عليهم.أما اليوم، فبإمكان الشخص المهتم أن يبحث على الانترنت عن كل المعلومات التي تؤكد له صحة ما قرأه من عدمه.يمكن مثلا معرفة اذا ما كانت الشركة صاحبة الإعلان مرخصة من هيئات رقابية وما اذا كان ما تعرضه حقيقيا أو وهميا.لكن الغالبية لا تفعل ذلك إما كسلا أو سذاجة.
أعود للموضوع الذي أعتبره أساس المشكلة وهو الباحثين عن تكوين ثروة من لا شيء بسرعة قياسية.
شخصيا أولي هذا الجانب اهتماما في محاضراتي وكتاباتي على أمل أن أتمكن من تغيير نظرة البعض ولو كانوا قلة. لا يوجد في أي مكان استثمار يحقق عوائد خيالية من مبلغ صغير.على سبيل المثال، لا يمكن أن تسثمر 1000 دولار وتحقق عائدا مقداره 10 آلاف دولار خلال شهر واحد.طبعا أعني الطرق الشرعية، لأن ذلك قد يكون ممكنا عن طريق السرقة والنصب.
من ناحية أخرى، لا يوجد أي شيء يسمى استثمار مضمون ولا يحمل مخاطر الخسارة.كلما قلت المخاطرة يقل بالتالي العائد المتوقع.حتى في التعليم الأكاديمي، يشار الى الاستثمارات ذات المخاطر المنخفضة أو القريبة من الصفر على انها السندات الحكومية، والتي في النهاية تحمل احتمال افلاس الحكومة وتوقفها عن الدفع كما نرى حاليا في أكثر من مكان.
اذا نظرنا الى اصحاب الثروات، ومرة أخرى أقول الثروات الشرعية، فلن نجد من حقق ثروة بدون مخاطرة أو أنه حققها بلمح البصر.ربما أستثني من ورث الثروة ولم يحققها، لكن الأكيد أن كل من حقق ثروة عمل واستثمر وتعلم وأخذ مخاطر معينة، ولم يجلس في منزله خلف جهازه يقرأ الإعلانات ثم يحول الأموال بكل سذاجة.
ببساطة شديدة، لا تدخل مجالا لا تفهم به.يمكن أن تتعلم وتقرأ ثم تقرر الدخول ولا مانع من ذلك، لكن لا ترمي أموالك اعتمادا على ما تسمع فقط.ولا تستثمر في أي مكان أو عن طريق أي شخص يدعي ضمان الربح أو يعرض لك أمثلة رابحة فقط.هو يحاول أن يلعب على غرائزك فلا تعطه الفرصة.
أخيرا، لا تحول أموالا قبل أن تعرف كل تفاصيل الشركة التي ستتعامل معها وتحصل على معلومات عن جهتها الرقابية والمكان الذي يمكنك الاتجاه اليه في حال أردت الشكوى.
ختاما، أكرر أهم جزء في عملية الاستثمار.العائد يجب ان يكون منطقيا ومتناسبة مع المبلغ المُستثمَر وحجم المخاطرة. اذا لم تتبع هذه القاعدة، فالأفضل لك أن توفر مالك لتصرفه على احتياجاتك الخاصة بدلا من ان تصرفه على احتياجات النصابين.
الخطيب
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734