الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
يكثر في الشركات استخدام مصطلحات عاطفية مثل وصف “العائلة” في إشارة إلى أن أفراد الشركة كلهم يمثلون عائلة تتشارك الأهداف. والهدف من ذلك هو خلق جو من الألفة لمساعدة الجميع على أداء وظائفهم وتحقيق النتائج المرجوة في جو من الحميمية. مع كوني شخصيا قد استخدمت أساليب مشابهة في السابق، إلا أننا اذا دققنا في المعنى المقصود والهدف من ذلك سنجد أننا نقع في خطأ كبير.
إن وصف العائلة يهدف إلى إشعار الموظف بالأمان كما لو كان ضمن عائلته الحقيقية، وهذا غير صحيح. ففي العائلة تختلف المعايير والعلاقات. ليس مطلوبا من الابن أن لا يفشل ليحافظ على موقعه في العائلة ولا هو سيبحث عن عائلة أخرى لو لم يعجبه المصروف الذي يحصل عليه. الشعور بالانتماء بدون مقابل أساس العلاقة العائلية وهذا من الخطأ وجوده في محيط العمل. بمعنى أنه من الخطأ أن يشعر أي موظف بالأمان الوظيفي بدون مقابل. اذا كان المدير لن يعاقب المقصر لأسباب عاطفية فإنه يخاطر بأداء الشركة ككل. بل أكثر من ذلك، هو يخاطر بفقدان الموظفين الكفؤين عبر مساواتهم بغيرهم.
في العائلة يهدف الأب والأم إلى تحقيق المساواة بين الأبناء على جميع الصعد، من توفير تعليم مماثل للكل وتقديم نفس المزايا الحياتية لهم. في المقابل، اذا استهدف المدير في العمل أن يحقق المساواة فهو يسير في الاتجاه الخاطيء. عليه بدلا من ذلك أن يبحث عن توفير العدالة، وهي تختلف عن المساواة بأنها تعطي كل شخص ما يستحقه مقابل عمله بغض النظر عما اذا كان مساويا لغيره ام لا.
أعارض دائما تقديم امتيازات متساوية للجميع مثل زيادة سنوية أو مكافأة مقطوعة. أي ميزات يجب أن تقترن بالأداء وأي تقييم للأداء يجب أن يشهد تمييزا واضحا. التمييز هنا مطلوب وليس بغيضا. من حق من أدى جيدا أن يعرف الجميع أنه فعل كذلك، ومن حق الشركة ومصلحتها أيضا أن يعرف من كان دون المستوى المطلوب أن ذلك هو تقييمه. إخفاء التقييم الحقيقي حفاظا على المشاعر أو الجو “العائلي” ليس من مصلحة الشركة ولا حتى من مصلحة الموظف المعني. سيأتي اليوم الذي يتساءل الموظف عن سبب عدم ترقيته أو حصوله على مميزات معينة، وعندها سيقال له أن عمله عبر السنوات لم يكن في المستوى المطلوب، وهذا قمة الظلم. نعم قمة الظلم أن لا تصارح الموظف بأن عمله ليس جيدا حفاظا على مشاعره ثم تفاجؤه بالنتيجة بعد سنوات. لو فعلت ذلك في الوقت المناسب لربما بحث عن مكان آخر يناسب إمكانياته وقدراته. للمحافظة على مشاعره تكون قد عطلت مستقبله المهني. قرار استمرار الموظف في مكان يعتبر أن عمله ليس جيدا هو ملك الموظف وليس المدير. المدير يجب عليه أن يكون صادقا وصريحا معه لا أكثر ولا أقل.
كل ما سبق مطلوب لكن ليس بشكل عشوائي، فلا يمكن أن نطلب من مدير ما أن يقوم بذلك بدون وجود أسس واضحة ومعايير صريحة موضوعة مسبقا. اذا عملنا بدون الأسس والمعايير فإننا أيضا ندخل في متاهات أخرى واتهامات بالمحاباة والتفضيل. في رأيي أنه يجب وضع الأسس والمعايير منذ البداية والاتفاق عليها، وهذا ليس أمرا معقدا. ثم يتم وضع الأهداف للجميع، وبعد ذلك تأتي عملية التقييم. اذا اتبعت الخطوات كاملة فلن يهم المدير المسؤول أي كلام وأي اتهامات. النتائج ستتحدث عن نفسها.
أنصح كل مدير بأن يمارس أبوته وعاطفته داخل عائلته الحقيقية مع زوجته وآبنائه وأن يمارس دوره الإداري فقط في العمل فهو ما تحتاجه منه شركته.
—————
*سلسلة مقالات في الادارة
الخطيب
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال