3666 144 055
[email protected]
الكلمة الضافية التي وجهها الملك سلمان بن عبدالعزيز في الأسبوع الماضي للمواطنين أشار فيها إلى أن الحكومة حريصة على مراجعة أنظمة الرقابة حتى تكون أداة فعالة للقضاء على الفساد ومحاسبة المقصرين وتحقيق العدالة للجميع.
وكانت صحيفة “الاقتصادية” الغراء قد نشرت في 9 مارس 2015 الماضي تقريرا اقتصاديا على جانب كبير من الأهمية، حيث نقلت الصحيفة على لسان مصدر مسؤول في وزارة التجارة والصناعة قوله إن الوزارة أحالت عددا من أعضاء مجالس إدارات الشركات العائلية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، وإن الوزارة جادة في تطبيق الأنظمة على الشركات التي تلاعبت بحقوق المساهمين وارتكبت عديدا من المخالفات النظامية، وبالتحديد أشارت الوزارة إلى إحالة عدد من أعضاء مجلس إدارة شركة مجموعة محمد المعجل (شركة مساهمة عامة) إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لاتخاذ الإجراءات النظامية بحقهم وفقا للمادة (229) من نظام الشركات، وأوضحت الوزارة في بيانها أنه بالنظر لعدم استجابة أعضاء مجلس إدارة شركة المعجل لتعليمات الوزارة والاشتباه في وجود مخالفات صريحة وفاضحة لنظام الشركات أدت إلى حدوث خسائر نتج عنها تدهور قيمة السهم وإيقاف تداوله في السوق المالية.
وأكد المصدر المسؤول في وزارة التجارة والصناعة أن الوزارة حريصة على حماية حقوق المساهمين والمتعاملين انطلاقا من مسؤولية الوزارة الإشرافية والرقابية المنصوص عليها في نظام الشركات وغيره من الأنظمة المنظمة والحامية للاقتصاد الوطني.
ويشير تقرير “الاقتصادية” إلى أن سهم شركة المعجل أغلق عند 12.55 ريال قبل تعليق التداول عليه في 2012 مقارنة بـ70 ريالا سعر الاكتتاب في 2008، ما يعني خسارته بنسبة 82 في المائة من قيمته الأصلية، كما أنه في سابقة غير مسبوقة في تاريخ سوق المال تم تنفيذ صفقة على السهم في سوق خارج المنصة بسعر ريال واحد للسهم، بمعنى فقدانه أكثر من 99 في المائة من سعر الاكتتاب، خاسرا 69 ريالا، كما تراجع السهم بنسبة 94 في المائة عن سعر الاكتتاب في آخر صفقة عليه خارج المنصة بسعر أربعة ريالات، خاسرا 66 ريالا مقارنة بسعر الاكتتاب، ولذلك حدثت تحولات وتناقضات فاضحة في المؤشرات المالية للشركة، من جيدة وقت طرحها للاكتتاب إلى سلبية للغاية بعد إدراجها في سوق الأسهم، حتى إنها تحولت من تحقيقها أرباحا مبقاة بـ902 مليون ريال نهاية عام 2008 تعادل 90 في المائة من رأس مالها إلى خسائر متراكمة تعادل 243.5 في المائة من رأس مالها بنهاية كانون الثاني (يناير) 2015 والبالغة 3.04 مليار ريال.
إزاء هذا التلاعب الفاضح في أسهم شركة المعجل، فقد تقدم عدد كبير من مساهمي الشركة برفع عدد من القضايا ضد أعضاء مجلس الإدارة الذي اتهم بالتلاعب في أسهم الشركة بشكل يثير الكثير من الريبة والشك.
وعند ذاك وجدت وزارة التجارة نفسها مجبرة على التحرك ضد غول الفساد المالي والإداري الذي بدأ يستشري في قطاع الأعمال، ولا شك أن هذه المبادرة تجاه شركة المعجل سوف تؤسس لدور إيجابي ومهم تقوم به الوزارة ضد المجالس المستهترة والمتلاعبة بحقوق المساهمين، وبالذات المساهمين الصغار الذين دفعوا تحويشة العمر للاستثمار في أسهم الشركات على أمل زيادة دخولهم المحدودة لمواجهة تكاليف الحياة الباهظة.
ونلحظ في هذه الأيام اهتماما كبيرا من الحكومة لمحاربة الفساد في القطاع الحكومي، وقطاع الأعمال مثلما يحدث في الدول المتقدمة، ففي الدول المتقدمة نلاحظ أن محاربة الفساد في القطاع الخاص تحتل الأولوية، لأن دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي في الدول المتقدمة كبير جدا، بينما دور القطاع الحكومي محدود وضعيف.
وفي تقرير لصحيفة “فاينانشيال تايمز” نشرته في 9 ديسمبر 2014 قالت فيه إن الشركات الكبرى وكبار المديرين فيها هم المسؤولون عن الأغلبية العظمى من قضايا الرشا في العالم، وهذه الشركات تفقد ثلث أرباحها نتيجة المشاريع ذات الصلة بالمسؤولين الفاسدين.
ما يجب أن ندركه الآن هو أن دور القطاع الخاص السعودي في النشاط الاقتصادي وتنفيذ برامج التنمية بدأ يتعاظم، وبدأت فواتير المشاريع تحفل بالأرقام المالية الكبيرة، وأصبح لزاما على الحكومة أن تنشئ جهازا للمحاسبات والرقابة على الشركات مثلما أنشأت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ولا يكفي أن يضم نظام الشركات الجديد مادة تنص على أن تعين كل شركة لجنة لمراقبة ومتابعة أعمال وقرارات مجلس الإدارة.
لقد بدأت روائح الفساد في القطاع الخاص تفوح في كل الأروقة والدهاليز، وتقول أخبار الأسواق إن كثيرا من الشركات حققت خسائر في العام المالي 2012 بفعل فاعل مخالفة كل التوقعات، بينما هناك روائح تصاعدت من مكاتب رؤساء مجالس إدارات ومديرين عامين تلمح إلى وجود فساد وتلاعب بالمال الخاص!
وهناك رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات يستغل ظروف الأعضاء ويشتري أسهمهم بأقل الأسعار، وهناك مديرون تنفيذيون في بعض الشركات يتلاعبون بأصوات المتغيبين من أعضاء الجمعية العمومية، ويجيرونها لمصلحة أصوات أعضاء بعينهم ليدخلوا مجلس الإدارة لغرض في نفس يعقوب!
وهناك مدير عام لإحدى المؤسسات يستغل منصبه التنفيذي ويجمع التوقيعات من خلال ما يسمى المحضر التمريري لاستبعاد عضو مشاكس من أعضاء الجمعية العمومية، ثم يتخذ قرارا تعسفيا لتجريده من وظيفته كنائب للمدير العام!
وفوق هذا وذاك فإننا نقرأ في الصحف كثيراً أن هيئة سوق المال تعاني كثيرا تلاعب الشركات بالقوائم المالية، والأكثر من ذلك إحراجا أن كثيرا من المحاسبين القانونيين يرشدون ويساعدون الشركات على ممارسة التدليس وتضخيم الأرباح والتلاعب في الميزانيات نظير أن يسمح لهم بالاستمرار في مراجعة الحسابات!
وإزاء خطر انتشار الفساد فقد اعتمدت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مجموعة المعايير التي وردت في نظام حوكمة الشركات، ضمن المعايير التي تعتمد عليها مؤسسات التصنيف الائتماني في تقييم الوضع الاقتصادي للدول.
وأهم ما يرتكز عليه نظام حوكمة الشركات هو الحفاظ على حقوق المساهمين، وتحقيق المعاملة العادلة للمساهمين، وإزكاء دور أصحاب المصالح، والحرص على الوضوح والشفافية، وتأكيد مسؤولية مجلس الإدارة عن أي انحراف في الشركة مكان البحث.
ولا شك أنه إذا ما تم ضبط هذه القواعد الخمس في شركاتنا، فإن الشركات سوف تتحرك ضمن قواعد تضمن لها حالة من حالات التوازن والاستقرار والمساهمة في بناء اقتصاد وطني قوي.
نقلا عن الاقتصادية
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734