الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
متخصص في المعلوماتية والإنتاج
نعود دائماً للمؤسسة الأساس التي أنشأتها الدولة لتمكن شرائح واسعة من المواطنين من امتلاك مسكن، وهو صندوق التنمية العقارية، فهو حالياً المؤسسة المثابرة دونما انقطاع من العام 1975 على تقديم القروض الاسكانية للمواطنين، وما برحت تقوم بهذا الدور على مدار أربعة عقود من الزمن، إذ يقدر عدد القروض التي وافق عليها الصندوق نحو 900 ألف قرض.
لقد ساهمت جهود هذا الصندوق في جعل البلدات الصغيرة بلداتٍ كبيرة، والقرى بلدات، وليس من المبالغة القول: إن زخم الإقراض لهذا الصندوق تحديداً قاد التنمية الحضرية في جنبات عديدة من المملكة، لدرجة أنك تجد مخططات فيها مساكن متناثرة هنا وهناك، فتسبق قروض الصندوق لتلك المخططات شبكة الصرف الصحي والهاتف!
لكن الانسيابية تعطلت بعد أن أصبحت وتيرة قدوم الطلبات للصندوق أسرع بكثير من قدرة الصندوق على تلبية تلك الطلبات، فكانت النتيجة تراكم الطلبات واستطالة فترة الانتظار بين تقديم القرض والحصول عليه لتتجاوز عقداً من الزمن، فمن يقدم الطلب وابنه قد وطأ تواً فناء المدرسة الابتدائية فالأرجح أنه سيحصل على القرض والابن قد ترك المنزل متجهاً للجامعة!
علاج ما تراكم من طلبات قروض الإسكان قضية محورية، بل أقول: إن علينا أن نضع إجمالي عدد القروض باللون الأحمر، ونستهدفه استهدافاً مباشراً، باعتبار أن خفضه هو المؤشر الأكثر تأثيراً على أن أزمة السكن لدينا إلى انحسار .
أقول هذا مدركاً، أن الطلبات المقدمة للصندوق لا تمثل كل الطلب على المساكن في المملكة، لكنها هي الشريحة الأولى بالرعاية، باعتبار أن البقية اختاروا أن يجدوا حلولاً مستقلة عن الصندوق، إما يأساً أو لعدم الحاجة، فإن كان يأساً فإن تسارع وتيرة صرف القروض سيجعلهم يعودون أدراجهم إلى الصندوق والتقدم بطلب.
ومهما تداخلت وجهات النظر يبقى دور صندوق التنمية العقارية محوريا؛ بالنظر لآلية المنح البسيطة، وقوة الصندوق تكمن في سهولة التثبت من الاستحقاق.
وهكذا، فالحفاظ على هذا الشق ضروري، لكن لا بد له من تعزيز، والتعزيز لا يعني زيادة التعقيد، بل توفير الأموال لتمكين الصندوق من الاستمرار من أداء دوره المشرق منذ أن أُسس، والاستمرار المطلوب هو الاستمرار المواكب للطلبات المقدمة من قبل المواطنين والمواطنات! هكذا بكل بساطة.
ولعل من الملائم بيان أن اشتراطات الصندوق الأساسية لا تخرج عن ثلاثة: المواطنة، العمر، وخلو ذمة المتقدم اتجاه الصندوق.
ولا أجد سبباً لاقحام اشتراطات إضافية، والسبب أن جل ما يتداول من اشتراطات لا يخرج عن كونه ردة فعل، سيؤدي الأخذ بها لحرمان بعض المواطنين واستبعادهم باعتبارهم غير مستحقين أو جديرين بالحصول على قرض.
والخيار أن نتخلى تماماً عن أية إجراءات تؤدي للضغط على المتقدمين وتصفيتهم للحد من عدد المتقدمين، إلى تقوية الصندوق ليتمكن من القيام بدور مارسه ونجح فيه، لكن قصور مخصصاته في بعض السنوات أخل بالتوازن فأدى إلى تراكمٍ وتأخير.
والتقوية المقصودة – تحديداً – بناء جسر بين الصندوق وسوق المال السعودية، حتى يصبح بوسع صندوق التنمية العقارية أن يُسندّ رهونات المساكن التي بحوزته ويطرحها في سوقنا المالية على هيئة صكوك (متوافقة مع الشريعة)، وهكذا سيصبح لصندوق التنمية العقارية ثلاثة مصادر لتغذية قدرته على منح القروض: إيرادات السداد، الدعم من الخزانة العامة، حصيلة بيع صكوك الرهونات المُسَندة. وهذا سيمكن الصندوق من أن يستهدف تمويل مائة ألف وحدة سنوياً، إذ تجدر الإشارة الى أن الصندوق قد أصدر موافقات لقرابة 45 ألف قرض لبناء نحو 54 ألف وحدة سكنية بقيمة إجمالية تتجاوز 22 مليار ريال.
وهكذا، يعود للصندوق دوره المحوري في تمكين المواطنين من امتلاك مسكن، وهو الدور الذي أخذت تنافسه عليه البنوك التجارية، ومن خطا خطاها، ارتكازاً على أن الصندوق أضعف من أن يستوعب الطلب، وهو فرض بني على أرضية هشة، قد تتلاشى تماماً فيما يخص المساكن الاقتصادية والشبابية إذا ما احتضن الصندوق السوق المالية واحتضنته.
نقلا عن اليوم
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال