الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
برزت أهمية مؤسسات المجتمع المدني كشريك أساسي للحكومات في تطوير المجتمعات وتنظيمها وتعزيز مشاركة الأفراد في خططها التنموية ، و أصبحت مؤسسات المجتمع المدني تمارس دورا فاعلا لم يعد يقتصر على الجانب الـخيري فقط ، بل تعدى ذلك ليشمل الجوانب الـخدمية والرقابية والحقوقية. لا يوجد تعريف محدد – متفق عليه – لمؤسسات المجتمع المدني ، إلا أن مجمل التعريفات تطرقت إلى كونها مؤسسات غير حكومية ، تهدف إلى خدمة المجتمع ، و أنها قطاع ثالث إلى جانب القطاعين الحكومي و الخاص. و إجمالا يظل تعريف البنك الدولي لمؤسسات المجتمع المدني هو التعريف الأكثر شيوعا و استخداما في الأبحاث و التقارير المتخصصة حيث عرفها بأنها : مجموعة واسعة النطاق من المنظمات غير الحكومية والمنظمات غير الربحية التي لها وجودٌ في الحياة العامة وتنهض بعبء التعبير عن إهتمامات وقيم أعضائها أو الآخرين، استناداً إلى اعتبارات أخلاقية أو ثقافية أو سياسية أو علمية أو دينية أو خيرية. تصنف مؤسسات المجتمع المدني وفقاً للهدف الذي أسست من أجله ، و طبيعة العمل الذي تقوم به. و من أمثلتها الجمعيات الأهلية ، المؤسسات المهنية ، الغرف التجارية والصناعية ، المؤسسات الخيرية ، و جمعيات حقوق الإنسان. و تتميز مؤسسات المجتمع المدني بأنها حلقة الوصل بين المجتمع و القطاعين العام و الخاص ، و أنها أكثر المؤسسات التصاقا بالمجتمع و أكثرها تواصلا معه لأنها أسست لتلبية حاجات المجتمع الضرورية لا التحسينية كما يعتقد البعض. كما تتميز بأن لديها قدرة أعلى على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية بخلاف باقي المؤسسات التي قد تعاني بتغيرأي من تلك الظروف أو قد تنهار فتحل أو تلغى، و لما كانت معظم مبادرات مؤسسات المجتمع المدني مبنية على التطوع فإنها تتميز بقلة – أو إنعدام – الصراعات بين أعضائها التي يؤثر وجودها على إستمرار أنشطة أي مؤسسة و تحقيقها لأهدافها ، و تبقى الميزة الأهم لمؤسسات المجتمع المدني هي كونها جهات مستقلة لا تمارس عليها ضغوط قد ينتج عنها تحيد لأثرها و تعطيل لمسيرتها. نشطت مؤسسات المجتمع ، حديثا ، في تعزيز النزاهة و مكافحة الفساد ، و لعبت دورا مهما في هذا المجال في الدول النامية و المتقدمة على حد سواء. و قد أشارت إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد UNCAC في المادة (13) إلى أهمية دور المجتمع المدني في مكافحة الفساد، ودعت الحكومات إلى تشجيع الأفراد والجماعات الذين ينتمون إلى المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المحلي، على المشاركة في منع الفساد و مكافحته، وتوعية المجتمع بأسبابه و خطورته ، و ذلك بإتخاذ تدابير تشمل تعزيز الشفافية في عمليات إتخاذ القرار و إتاحة مساهمة المجتمع فيه و تشجيع ذلك، و كذلك تسهيل حصول المهتمين من أفراد المجتمع على المعلومات التي يحتاجونها مما يتعلق بالشأن العام، كما حثت الاتفاقية و سائل الإعلام على تسليط الضوء على آفة الفساد و حث المجتمع على نبذها ، و تبني برامج من شأنها تعزيز النزاهة. و سأفرد المقال القادم ، بحول الله ، لمناقشة دور مؤسسات المجتمع المدني السعودي في تعزيز النزاهة و مكافحة الفساد ، و التحديات التي تواجهها ، و الإجراءات التي تضمن قيامها بالدور المتوقع منها على أكمل وجه. النمري
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال