3666 144 055
[email protected]
الحديث عن القطاع العقاري اليوم أصبح من الأمور الأكثر نقاشا فيما يتعلق بالقضايا المحلية، فالاستثمار العقاري من القضايا المهمة حاليا في المجتمع التي بدأت تشهد تحولات قد تكون لافتة وكبيرة خلال الفترة المقبلة، نتيجة لمجموعة من المتغيرات على مستوى التشريعات ومستوى الحاجة للسكن حاليا في المجتمع، لعل أبرز قضية أخذت حيزا كبيرا من الاهتمام هي قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، وهو القرار الذي انتظره الكثير من المواطنين اعتقادا بأنه سيقود إلى تصحيح في أسعار العقارات بصورة كبيرة تمكن معظم أفراد المجتمع من تملك أراض بغرض السكن، ولكن الذي يظهر أن إحدى أهم النتائج التي يمكن أن تكون ثمرة لهذا القرار هي إيجاد سوق نشطة تستقطب مجموعة من الاستثمارات لهذه السوق بغرض إيجاد حركة بيع وشراء تعكس الأسعار التي ينبغي أن تكون عليها الأراضي، وتتجاوز هذه السوق حالة الاحتكار التي عطلت الاستفادة من مساحات كبيرة من الأراضي المهيأة بالخدمات بصورة مثالية، إضافة إلى ذلك فمن الآثار الإيجابية للقرار أنه يتوقع أن يؤدي إلى تخفيف العبء على قطاع تقديم الخدمات بسبب اضطرارها إلى توفير الخدمات إلى مناطق في ضواحي المدن لتلبية طلبات المواطنين الذين لا يملكون القدرة على تملك السكن في المناطق القريبة من وسط المدينة ما يعد تكلفة كبيرة لا حاجة لها في ظل وجود وفرة في الأراضي في المناطق القريبة.
في دراسة أعدها الزميل عبدالحميد العمري عن نشاط السوق العقارية خلال شهر نيسان (أبريل) الماضي 2015 لاحظ وجود صفقات عقارية كبيرة لستة مخططات في مدينة جدة وحدها بلغ إجمالي تلك الصفقات أكثر من عشرة مليارات ريال، هذه الصفقات الكبيرة مؤشر على أن هناك تحولات تطول السوق العقارية مؤداها أن من يحتفظ بمساحات شاسعة من الأراضي دون أي استفادة منها سوف يكون مضطرا إلى التخلص منها ببيعها لأطراف أخرى يمكن أن تطور هذه الأراضي، وإلا سيتحمل عبئا كبيرا بسبب الرسوم التي تنتظرها السوق العقارية خلال الفترة المقبلة، ومهما كانت المهلة أو المبلغ المطلوب مقابل كل متر مربع للأرض سيمثل ذلك عبئا كبيرا على ملاك الأراضي خصوصا المساحات الشاسعة، علما بأن المؤشرات كلها في اتجاه أن احتمالات استمرار ارتفاع الأسعار أصبحت أضعف بكثير من السابق، ولا يوجد ما يحفز فعليا على الاحتفاظ بتلك المساحات إلا لمن لديه خطة قصيرة المدى لاستثمارها.
إذا كانت فعلا الشركات أو الأفراد الذين عمدوا إلى شراء تلك الأراضي بغرض تطويرها فإن هذا فعلا ما يجعل القطاع العقاري بيئة خصبة للاستثمار، وسيكون سببا في استقطاب استثمارات كبيرة ونوعية لهذا القطاع، على خلاف ما يتوقعه البعض بأن فرض الرسوم سوف يؤدي إلى هروب السيولة إلى خارج البلاد، بل من المؤكد أن هروب ريال واحد من السوق العقارية سيقابله ثلاثة ريالات أحدها قيمة الأرض الخام والريال الآخر تكلفة تجهيز البنية التحتية والريال الثالث تكلفة البناء والإنشاء الذي سوف ينعكس على توافر معروض أكثر من المساكن للمواطن، ونشاط أكبر للأنشطة الاقتصادية الأخرى وتوليد للوظائف.
بالرغم من أن التقرير الذي نشرته “الاقتصادية” ذكر أن متوسط سعر المتر للأرض فاق ثلاثة آلاف ريال في مؤشر على أن الأسعار تبدو مرتفعة، إلا أن الأهم ليس انخفاض الأسعار بقدر التغيير الذي سوف يطرأ على مفهوم الاستثمار العقاري، الذي سيميل إلى كفة التطوير والبناء بدلا من الاحتفاظ بالأرض دون أي انتفاع بل لتبقى عبئا على المدن التي تتطلع لخطط تنموية لتحويلها إلى وجهة عالمية كمركز لاستقطاب الاستثمارات الكبيرة والنوعية، إضافة إلى وفرة المعروض الذي يمكن المستثمرين والقطاع الحكومي من تنفيذ المشاريع الاستثمارية والخدمية التي تعود بالفائدة للوطن والمواطن.
ما زالت المعايير الخاصة بتحديد الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني قيد انتظار المراقبين والمستثمرين والمواطن، ويظهر أنه من المناسب خصوصا في المرحلة الأولى لإصدار الضوابط أن تحمل حزمة من الحوافز لملاك الأراضي تشجع على تحول استثماراتهم العقارية من الأرض الخام إلى تطويرها بما يعالج الطلب الكبير على السكن في المملكة.
فالخلاصة أن حصول صفقات كبيرة على الأراضي الخام قد يكون مؤشرا على أثر قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، وهذا سيشجع تدفق الاستثمارات في القطاع العقاري، ويبقى أن إعلان الضوابط الخاصة سيزيد من نشاط السوق العقارية، وإذا ما تضمنت مجموعة من الحوافز للملاك سيكون ذلك إيجابيا لتحول استثماراتهم إلى التطوير العقاري.
نقلا عن الاقتصادية
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734