الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
لولا وجود سوق للأسهم لاحتاج من يريد الاستثمار في الشركات إلى أن يقوم بتأسيس شركته الخاصة أو أن يتواصل مباشرة مع اصحاب شركة قائمة لإقناعهم ببيع الشركة أو حصة منها. يتيح السوق إمكانية شراء الاسهم في الشركات وبالتالي تملك حصة فيها.
ويتوجب على الشركات الإفصاح عن بياناتها وأخبارها بشكل دوري ليتمكن المستثمر من اتخاذ قراراته بشكل سليم. وأقول بشكل سليم وليس بشكل صحيح لأن القرار قد يكون خاطئا، أي أنه من الممكن أن تكون آلية اتخاذ القرار سليمة من خلال الخطوات المتبعة لكنها تؤدي الى خسارة فيكون القرار خاطئا. تعتمد صحة القرار على إمكانية المستثمر بتقييم مختلف المعلومات التي يحصل عليها وتحديد ما اذا كان سعر السهم رخيصا أم لا، ولا يعني الرخص هنا القيمة المتدنية بل قيمة السهم الحالية مقارنة مع العوائد المتوقعة في المستقبل.
ليس مطلوبا من المستثمر الناجح أن يكون خبيرا اداريا أو صناعيا أو ماليا. ما يحتاج اليه هو ان يتمكن من تقييم أمور الشركة بشكل جيد. لذلك فإن أهم صفات المستثمر الناجح هو أن يكون مقيما جيدا باستخدام الأدوات المختلفة، ويمكنه الاستعانة بالخبراء لهذا الغرض أو أي وسائل أخرى تساعده على التقييم الجيد.
أتحدث هنا بكل تأكيد عن الاستثمار في الشركات عبر شراء الأسهم وليس المضاربة بالأسهم. كما أنني أناقش المستثمر الذي يأخذ قراراته بنفسه و يصرف من وقته وجهده على استثماراته وليس من يبحث عن توصية لشراء سهم ما. فأنا أكرر دائما أن من لا يريد أن يصرف الوقت والجهد للمحافظة على أمواله وتنميتها فالأفضل أن يتجه إلى صناديق الاستثمار أو أن يصرف النظر عن التداول بالأسهم.
يحتاج المستثمر عند اتخاذ القرار الى الوصول الى قيمتين ثم المقارنة بينهما. القيمة الأولى هي سعر السهم الحالي وهذه متوفرة من خلال الأسعار المعروضة. القيمة الأخرى التي يحتاج إلى تقييمها هي القيمة المستقبلية للسهم مع عوائده المتوقعة.
إن شراء الاسهم هو فعليا الاستثمار في أصول الشركة التي تتزايد قيمتها مع تحقيق الشركة للأرباح. وبالتالي فإن توقع تحقيق الأرباح يحتاج إلى فهم عمليات الشركة وطريقة ادارتها بالاضافة الى وضع السوق والاقتصاد. الفرص الناجحة أو الاستثمارات المتميزة هي تلك التي تكون قيمة سهمها الحالية أقل مما هي فعليا.
بمعنى آخر، اذا تمكن المستثمر من الوصول الى تقييم صحيح لا يتوصل اليه غالبية المتابعين فإنه يكون قد قام باستثمار ناجح جدا. هل يمكن الوصول الى تقييم ناجح وصحيح لا يصل اليه غالبية المتابعين؟ بكل تأكيد الجواب نعم. وايضا بكل تأكيد ذلك لا يكون بالجلوس خلف الشاشة ومتابعة الأسعار الفورية ولا بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي انتظارا لتوصيات مغرد ما.
المستثمر الناجح والذكي يبحث فقط عن فرص مشابهة لما أتحدث عنه، وهو يقوم بعملية دراسة لعدد كبير جدا من الفرص الاستثمارية لكنه في النهاية يختار القليل منها فقط. يتابع ذلك المستثمر كل شاردة وواردة عن الشركة، ويقرأ جميع بياناتها وتفاصيلها ويتابع الوضع السوقي للشركة والفرص المستقبلة لتلك الصناعة. وهو ايضا يعرف طريقة الادارة في الشركة ويتوقع كيفية تفاعل الشركة وإدارتها مع الأحداث المستقبلية إيجابيا.
كل ما اذكره هنا ليس ابتكارا بل ان معظم المستثمرين الناجحين حول العالم يقومون به. في دول كثيرة يتم بث اجتماع الجمعية العمومية عبر الانترنت، وقد استمعت للكثير منها ولاحظت نوعية المناقشة التي يقوم بها المستثمرون صغارا وكبارا مع إدارة الشركة. في احد المرات قام احد المستثمرين بإعداد دراسة عن وضع السوق خلال الأعوام القادمة و طلب من الرئيس التنفيذي ان يعلق على الدراسة وسأله كيف ستكون خطط الشركة في ضوء الدراسة.
لتقريب الفكرة أكثر، أشبهها بقيام مستثمر بشراء قطعة أرض بثمن رخيص في منطقة نائية لأنه توقع أن يتم إعمار تلك المنطقة في المستقبل على ضوء خطط الحكومة المستقبلية. عند قيام المشاريع وارتفاع ثمن الارض، سيقول الكسالى ان ذلك الشخص محظوظ مع انه قام بتقييم جيد ولم يعتمد على الحظ. طبعا لا أشير هنا الى من يحصل على معلومات سرية بطريقة غير قانونية، فذلك ليس تقييم بل سرقة.
كل ما سبق متاح بأفضل أشكاله في سوق الأسهم. من الصعب جدا القيام بتقييم شركات أو استثمارات ومتابعتها ثم التمكن من شرائها في غير سوق الاسهم. معظم من حققوا ثروات كبيرة بدون تأسيس شركاتهم الخاصة فعلوا ذلك عن طريق سوق الاسهم وتقييم الشركات والاستثمار فيها لمدة طويلة.
هذه ملاحظة ممكن اتباعها لمعرفة اذا كان شخص ما لديه تقييم خاص لم تصل اليه الأغلبية : اذا رأيتم أي مستثمر يشتري أسهم شركة معينة باستمرار، أي أنه يزيد من نسبة ملكيته كل ما استطاع ذلك، فإنه بالتأكيد توصل إلى تقييم مهم يحاول الاستفادة منه على المدى البعيد. عندما تتضاعف قيمة الشركة في المستقبل، لا تصفوه بالمحظوظ، بل قولوا مقيّم جيد.
الخطيب
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال