3666 144 055
[email protected]
تقرير صندوق النقد الدولي الخاص بالاقتصاد السعودي أشار إلى بعض التحديات، مع توقعه أن تراجع أسعار النفط لن يؤثر كثيرا في الاقتصاد بسبب استمرار الإنفاق الحكومي الذي سيبقي حجم النمو عند معدل 3.5 في المائة كما هو الحال في العام الماضي بدعم الإنفاق الحكومي، ولكن لم يخلُ التقرير من مسألة الإشارة إلى التحديات التي تواجه الاقتصاد في المملكة، والمتمثلة في توظيف المواطنين.
لا شك أن الأموال الضخمة التي تخرج خارج دائرة الاقتصاد الوطني تمثل عبئا كبيرا عليه، فمع تدفق الأموال الكبير من خلال صادرات النفط التي تمثل السبب الأكبر للناتج المحلي، إلا أن تسرب الكثير من هذا الدخل بسبب تحويلات القوى العاملة الأجنبية يمثل عبئا على الاقتصاد في المملكة. كما أن توطين الوظائف مسؤولية كبيرة، وواجب وطني في وجود اقتصاد وطني قوي، يجعل المملكة ضمن أكبر 20 اقتصادا في العالم، فتوافر الوظائف الجيدة للمواطنين خيار لازم لاستمرار النشاط الاقتصادي المتزن، الذي يعزز من بقاء دائرة النشاط الاقتصادي محلية.
توطين الوظائف في القطاع الخاص مهم، ويتطلب بالدرجة الأولى دعم تنافسية القوى العاملة الوطنية مقارنة بالقوى العاملة الأجنبية، وزيادة كفاءة وإنتاجية القوى العاملة الوطنية، إضافة إلى أهمية الاستفادة من التقنية في الارتقاء بمستوى الوظائف لتعزز من مهارات القوى العاملة الوطنية، وتزيد من فرص حصولها على دخل مناسب يتناسب مع الارتفاع في الأسعار، وزيادة الأعباء والاحتياجات للأسر في المجتمع.
مما يعزز كفاءة القوى العاملة الوطنية هو بناء تواصل جيد بين القطاع الخاص أو قطاع العمل عموما ومؤسسات التعليم، ولعل بعض البرامج الحالية سيكون لها دور كبير في بناء هذه الروابط وتعزيزها، فمن تلك البرامج قيام وزارة التعليم بعقد شراكات مع قطاعات العمل بغرض توظيف وابتعاث الشباب، ويكون ذلك ضمن خطة تعزز من انتقاء الكفاءات الوطنية، واختيار التخصصات التي تحتاج إليها سوق العمل، ومتابعة الشباب خلال فترة ابتعاثهم لمساعدتهم ودعمهم أثناء الدراسة، للعودة وشغل الوظائف مباشرة في الشركات الوطنية.
من البرامج الفريدة التي تتميز بأنها منتج وطني بالكامل، البرامج التي تقدمها المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وذلك بعقد اتفاقيات مع مؤسسات وشركات وطنية لتدريب الشباب، ومن ثم توظيفهم مباشرة في تخصصات تحتاج إليها تلك الشركات.
هذه البرامج مريحة لكثير من الشباب؛ إذ إن المواطن يكون لديه تصور مسبق عن مجال العمل الذي سينخرط فيه، وهذا ما سيجعله يختار التخصص المناسب لذلك العمل، أما في برنامج المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، فهو من بدايته شراكة لتحقيق نتائج محددة بين شركات مثل أرامكوا والمؤسسة العامة، ولعل من آخر نتائج هذه الشراكة المعهد الوطني للتدريب الصناعي في الأحساء، وهذا المشروع أو الشراكة تعطي بعدا آخر لهذه البرامج، وهو توزيع الفرص لمختلف مناطق المملكة.
تقرير صندوق النقد الدولي يلفت الانتباه إلى قضية مهمة جدا في سوق العمل في المملكة، فسوق العمل رغم حجم الوظائف التي تنتجه سنويا، إلا أنها تجد صعوبات في توظيف المواطنين في الوظائف التي تناسبهم، وتعزز من إمكاناتهم، وفي ظل الظروف الحالية التي تشهد تقلبات أسعار النفط في الأسواق، فإن موضوع توظيف المواطنين ستبقى له أهمية كبيرة لتعزيز كفاءة الاقتصاد.
فمن المهم أن مؤسسات التعليم تعتني بخريجيها من المواطنين، وذلك بأن تزيد من فرص التحاق الطلاب بالتخصصات التي تحتاج إليها سوق العمل، وذلك بأن تكون لدى مؤسسات التعليم ديناميكية لتقييم البرامج الأكاديمية الحالية، والتأكد من مواءمة تلك البرامج لمتطلبات سوق العمل، وأن تكون لديها شراكات أو تنسيق، أو على الأقل تشاور مع قطاع العمل لبناء البرامج الأكاديمية الجديدة بما يتوافق مع سوق العمل، وهذا سيساعدها على توجيه طلابها إلى التخصصات المناسبة، إضافة إلى توعيتهم بمجالات العمل التي يمكن أن يعملوا فيها في المستقبل، ويضاف إلى ذلك ألا يقتصر دور مؤسسات التعليم على تعليم الطلاب المقررات الأكاديمية، فالمهارات العامة التي تتطلبها سوق العمل أيضا لا تقل أهمية عن المقررات التخصصية، ومن الممكن تعزيزها لدى طلابها من خلال مقررات اختيارية، أو من خلال فرص تدريبية تقام داخل الجامعات.
فالخلاصة إن مسألة توظيف الشباب من التحديات التي تواجه اقتصادا يستطيع توفير وظائف، لكن يجد تحديات في التوطين، وبعض البرامج الحالية مثل شراكة وزارة التعليم مع بعض الشركات والمؤسسات لتوظيف الخريجين وابتعاثهم، إضافة إلى برامج المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وبرامج بعض الجامعات المحلية في عقد شراكات وتعاون مع القطاع الخاص يمكن أن تستفيد منه المؤسسات التعليمية لتعزيز تنافسية خريجيها في سوق العمل.
نقلا عن الاقتصادية
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734