3666 144 055
[email protected]
حل علينا شهر البركة والإحسان، شهر رمضان، شهر كريم محبب إلى الأنفس، فيه تسمو الأرواح وتزداد الخيرات وتضاعف الحسنات. وفي هذا المقام أود أن أبارك لجميع المسلمين بهذا الشهر الكريم، خصوصا جنودنا وضباطنا البواسل على الثغور الجنوبية في المملكة وكل رجال الأمن الذين يخاطرون بأغلى ما عندهم لحماية هذا الوطن من أعمال العبث والعدوان والإرهاب. وأود أن أقدم تهنئة خاصة وحارة جدا لعائلات شهداء جيشنا وأمننا على الحدود الجنوبية وفي كل مكان. صبركم الله وقوى عزائمكم وألهمكم الصبر والسلوان. كما ندعو الله سبحانه وتعالى أن يعين إخواننا المنكوبين في سورية والعراق وكل البلدان المنكوبة، وأن يرفع المعاناة عنهم ويعيد الأمن والاستقرار ويظهر الحق في بلدانهم. لقد حل علينا وعليكم شهر كريم نتذكر فيه أحبابنا البعيدين عنا أو الذين رحلوا من هذه الدنيا، ولكن هذه مسيرة الحياة وطبع الدنيا. ولا نقول إلا الحمد لله كثيرا، الذي منح هذه البلاد كل هذه النعم وسخر لها الرجال والعقول والأموال لحمايتها.
ويردد الجميع أن شهر رمضان فرصة للإقلال من الطعام وتذكر الفقراء والمحتاجين في كل مكان والتخفيف عنهم بالصدقة والإحسان والكلمة الطيبة، ولكن معظم الناس في هذه البلاد وكثير من بلدان المسلمين يتصرفون بطريقة مغايرة لما ينبغي عمله في رمضان، خصوصا في مجال الطعام والعمل. فالأغلبية الساحقة من المسلمين خصوصا في دول الخليج يرفعون معدلات استهلاك الأغذية والمشروبات إلى مستويات مرتفعة، كما يحولون رمضان إلى شهر كسل وإهمال وتقصير في أداء الواجبات والمهام والأعمال. لقد تفنن المسلمون في كل مكان في صنع أطباق ومشروبات خاصة برمضان الكثير منها دسم وحلو ومكلف. وتحول رمضان من موسم للاقتصاد في الغذاء الشراب وتخفيف الأوزان إلى موسم للإسراف والإعلاف وتمدد البطون والأرداف. لقد كثرت مآسي إخواننا من المسلمين في كثير من دول العالم، وعلينا أن نتذكر عندما نجتمع حول الموائد الطويلة المزينة والزاخرة بأشهى المأكولات والمشروبات أن هناك كثيرا من المسلمين لا يجدون ما يفطرون أو يمسكون عليه في رمضان، أو لا يتنعمون إلا بما ندر منها. إن تذكرنا لأحوال الضعفاء والمساكين والمنكوبين وضرورة التخفيف عنهم سيساعد الكثير منا على التخفيف من النهم الذي يحول الكثير منا إلى أشباه مجانين عند الإفطار.
ويقود الارتفاع المفاجئ في مستويات استهلاك الطعام والمشروبات إلى ضغوط على إمدادات الكثير من المواد الأساسية في هذا الشهر الكريم. وتقوم كثير من بلدان المسلمين محدودة الموارد بالسماح أو توفير مواد إضافية لمتطلبات هذا الشهر الاستهلاكية. ويتوافر في بلادنا العزيزة كم هائل من الأسواق والأطعمة والمشروبات التي تجلب من شتى أصقاع العالم، ومع هذا نشاهد بعض الارتفاعات الحادة في بعض المواد الغذائية خلال هذا الشهر. ويلوم كثير من الناس ملاك الأسواق على ارتفاع أسعار هذه المواد، ولكن كثرة الأسواق في مدن المملكة تدل على وجود مستويات منافسة مرتفعة في أسواق المواد الغذائية، والمنافسة تحد من قدرة المسوقين على رفع الأسعار. ويأتي ارتفاع أسعار السلع والخدمات في حالة وجود المنافسة من ازدياد الطلب أو تراجع العرض أو من الاثنين معا. ويبدو أن المستهلكين مسؤولون بدرجة كبيرة عن ارتفاع الأسعار نظرا لطفرة الطلب التي يحدثونها في رمضان، وإذا أردنا أن نقلل من ارتفاع الأسعار فعلينا كمستهلكين تحمل بعض المسؤولية وتجنب أو خفض استهلاك السلع التي ترتفع أسعارها.
ويتميز شهر رمضان بوجود طفرة في الطلب والإنفاق على السلع الغذائية والملابس وعدد آخر من السلع. ولا تتوافر معلومات إحصائية دقيقة عن أنماط الاستهلاك الموسمية في رمضان وأحجام أو نسب الطفرات في الطلب أو إنفاق الأسر. ولو توافرت هذه المعلومات لساعدت مزودي السلع وصناع القرار على توفير الكميات اللازمة من السلع المطلوبة والاستفادة من هذه الطفرة والحد من ارتفاع الأسعار. ولهذا ينبغي على الجهات الإحصائية سواء كانت خاصة أو حكومية دراسة طفرات الطلب أو تقلص الإمدادات والاختناقات في الأسواق وتقدير نسب التغيرات في هذا الشهر الكريم، للاستفادة من هذه الطفرات وتقليص آثارها على الأسعار وعلى رفاهة الشرائح السكانية المختلفة.
نقلا عن الاقتصادية
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734