3666 144 055
[email protected]
كما توقع كثيرون، انطلقت الشائعات حول الوضع الاقتصادي يمينا ويسارا حتى وصلت حد الافتراء باحتمال التوقف عن صرف رواتب موظفي الدولة، وكل هذا نتيجة حتمية لغياب الشفافية وتأخر خروج المسؤولين للتحدث للناس وتوضيح ما يحدث. جميعنا يعرف أن الدخل القومي انخفض بحوالي النصف لانخفاض أسعار النفط، جميعنا يعرف أن الحرب، أي حرب، لابد أن تؤثر على وضع الاقتصاد، أي اقتصاد مهما كانت متانته، فلماذا يبقى هؤلاء المسؤولون خلف مكاتبهم، ولا يستجيبون لرغبة الناس في المعرفة، لا بدافع الفضول وإنما بدافع الاطمئنان، مع العلم أن الصغير قبل الكبير يعلم أن ما يحدث أمور وإجراءات تتخذها أي دولة تمر بظروف مماثلة، هاكم الصين وما يجري فيها حاليا، برغم أنها من أقوى اقتصادات العالم.
عندما تبنت الدولة مبدأ الشفافية وطالبت مسؤوليها بتطبيقه، لم يكن ذلك تجملا بيروقراطيا ولا تقليدا لدول العالم المتقدم، إنما كان إجراء تحتمه الدواعي الأمنية قبل الاجتماعية، فضلا عن أنه يمثل احتراما لمواطنيها ومعرفتها بالحاجة لبث روح التعاون بينها وبين المواطن وطمأنته سواء في حالة السلم أو الحرب، فما بالكم ونحن نخوض حربا ضروسا لقوى غاشمة تريد كسر صمود جبهتنا الداخلية قبل الخارجية، فكيف نتيح لها الفرصة بتكتم هؤلاء المسؤولين على ما لا يحسن التكتم حوله، بل ومما هو معروف للعامة، ولكنهم ولغياب المعلومات الرسمية وغياب الشفافية يطلقون لخيالهم العنان لتصوير مخاوفهم على شكل شائعات سرعان ما تنتشر كالنار في الهشيم فتشوش على صلابة وتماسك جبهتنا الداخلية، وهي الأهم من الخارجية فبها يشد أزر الأمامية، كالخوافي اللاتي هن قوة للقوادم.
مبدأ الشفافية، بالخصوص على مستوى الدولة أو الحكومة، ليس أمرا شخصيا يتعاطاه المسؤول متى ما أراد أو يتركه تكبرا عليه، هو واجب تفرضه عليه مسؤولياته لمنع الشائعات وتداولها وانتشارها بين الناس بمعلومات خاطئة أو مبالغ فيها، ومعظم النار من مستصغر الشرر. هذا إذا أحسنا الظن، وإلا فإنها سبيل الأعداء لنشر البلبلة والفوضى وزعزعة الثقة بين المواطن والمسؤول، فالواجب القضاء عليها في مهدها وقبل أن تنتشر لتحقق أهدافها الدنيئة، فلا يجوز، والحالئذ، للمسؤول أن يعتبره جهدا إضافيا بل الواجب اعتباره أمرا لازما لازبا يمثل جزءا من مهام وظيفته الرسمية.
نقلا عن عكاظ
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734