الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
يطلق على الموظفين في الشركات تسمية الموارد البشرية باعتبارها جزءا من الموارد التي تستخدم في العملية الانتاجية إلى جانب الموارد الأخرى مثل المالية والتقنية وغيرها. وبالتالي تطبق عليها نفس الدراسات وإجراءات تقييم الجودة وحساب التكلفة وغيرها من التطبيقات الإدارية المستدخمة في عمليات اتخاذ القرارات الاستثمارية. الفارق الوحيد بينها وبين غيرها هو وجود العامل البشري فيتم في معظم الأحيان إقحام العامل الإنساني في عمليات اتخاذ القرار.
لا أرى في وصف الموظفين بالموارد البشرية أي انتقاص لقيمة البشر أو أي إهانة للناس فأنا أدعو دائما إلى التعامل مع القرارات الاستثمارية بأكبر قدر ممكن من التجرد من العواطف والمشاعر. أقول أكبر قدر ممكن ولا أقول بتجرد مطلق لأن صانع القرار أيضا بشر ويتأثر بمحيطه بكل تأكيد. كما أنني أعتبر أننا كلما تعاملنا مع الموارد البشرية بشكل بعيد عن العواطف والأمور الإنسانية فإننا نقترب أكثر من تحقيق العدالة بين الموظفين وإعطاء الناجحين منهم أكبر فرصة للنمو وتحقيق الإنجازات.
يزعجني دائما، بدون أن أعترض على ذلك، عندما يتم تقديم شخص لي والطلب مني أن أحاول توظيفه لأن ظروفه صعبة أو لأنه بحاجة للمال. أتكلم هنا من الناحية المهنية فقط وهي تزعج الكثيرين من الذين يعطون الجانب الإنساني الأولوية. لو قمت بتوظيف أي شخص فقط لأنه بحاجة إلى المال أو لأنه يمر بظروف صعبة بغض النظر عن كفاءته أو حاجة الشركة له، فإنني أقوم بعمل خيري اجتماعي وهو ليس الواجب الذي كلفت به كمدير. المدير يكلف من قبل المساهمين أو أصحاب المال بإدارة أموالهم وصرفها بالطريقة المناسبة بهدف تحقيق أكبر عائد ممكن. المساهم يقوم بالأعمال الخيرية بدون الحاجة إلى تأسيس الشركات أو المساهمة فيها.
ما سبق قد يكون قاسيا من الناحية الإنسانية وخصوصا في منطقتنا لأن خلفياتنا وعاداتنا نقية جدا ورائعة، لكنها لا يجب أن تقف عائقا أمام تطورنا ومنافستنا للاخرين والتفوق عليهم. عندما تزيد الحاجة إلى التوظيف الخيري فإن ذلك يعني تقصيرا من قبل جهات أخرى لا يجب أن نحمل تبعاتها للجهات الناجحة. ليس منطقيا مثلا أن نحمل المنشئات الناجحة مسؤولية توظيف خريجين دون المستوى فشلت الجامعات في تعليمهم. لو فعلنا ذلك فإننا نسمح بتخريج المزيد من الخريجين من ذلك النوع وفي نفس الوقت نضع عائقا أمام نمو الجهات الناجحة.
في إدارة الموارد البشرية بعد التوظيف، يجب أن يطبق نفس المبدأ أي معاملة الموارد البشرية كموارد بأكبر قدر ممكن من التجرد. بطبيعة الحال، لن نجد مشاكل كبيرة عند تقييم موارد غير بشرية. فمثلا اذا كان لدينا اّلة إنتاجية في مصنع ما وكانت تنتج 100 قطعة وأصبحت تنتج 80 قطعة فإن ذلك يعني انخفاض الانتاج وبالتالي انخفاض العائد وعندها سيبحث المدير عن إصلاحها أو استبدالها وغالبا لن يعترض أحد. أما في حال كان الموضوع انخفاض انتاجية موظف معين فإن تطبيق نفس الأسلوب يكفي لوصف المدير بالمتعسف وعديم الانسانية. لا أعني بذلك أن أي انخفاض في الانتاجية هو سبب كاف للاستغناء عن الموظف، ولكنه يجب أن يؤدي إلى إجراءات ترفع الانتاجية من جديد والبحث في أسباب انخفاض الانتاجية التي قد يكون من أسبابها المدير نفسه أو أساليبه الإدارية. الاستغناء لا يجب أن يتم إلا في حالة اتباع الأساليب الصحيحة في التقييم والتدريب والتوجيه.
أساليب الإدارة وتأهيل الموظفين يطول بحثها وفي ذلك نظريات كثيرة إلا أن ما أود مناقشته هنا هو عدم حذف خيار الاستغناء مسبقا لأسباب غير عملية. أسمع كثيرا عن شركات لها سمعة في عدم الاستغناء عن الموظفين نهائيا أو أنها تقدم الأمان الوظيفي لجميع الموظفين وأجد ذلك سيئا. إن عدم الاستغناء عن أي أحد بغض النظر عن أدائه أوإنتاجيته هو دعوة إلى الهدر وعدم الانتاجية وضد مباديء التطور والنمو. ليس من واجب الشركة أن تقدم أمانا وظيفيا بدون مقابل. بمعنى اخر، لا يجب على الشركة أن تضمن للموظف البقاء في وظيفته مهما ساء أداؤه. هذا الأسلوب يخل بمبدأ الثواب والعقاب ويحطم طموح الناجحين والمتميزين، فما الذي يدفع بموظف لأن يتميز ويتفوق إذا كان سيبقى في وظيفته في كل الأحوال؟
إن بيئة العمل هي بيئة إنتاجية تنافسية يجب أن تخرج أفضل ما عند العاملين فيها. وكل مدير يبحث عن النجاح سيسعى بكل تأكيد على الدوام للحصول على أفضل الموارد من كل الأنواع.أما عندما يستخدم العاطفة في اختياراته فإن فرص نجاحه ستقل.
أسوأ أنواع الموظفين هم الذين يبقون في الشركة لأنهم لا يجدون عروضا من شركات أخرى. فكروا فيها.
الخطيب
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال