3666 144 055
[email protected]
باحثة اقتصادية
NoufAlshariff@
في المقال الأول من هذه السلسلة تم توضيح أن الصندوق السيادي ليس السر الوحيد لنجاح تجربة النرويج مع النفط،المقال هنا صحيح أن إدارة الإيرادات النفطية تعد جزءاً هاماً من نجاح تجربة النرويج، ولكنها ليست كامل القصة. تحدث المقال الثاني عن العوامل الأساسية وراء نجاح تجربة النرويج كدولة معتمدة على موارد طبيعية، المقال هنا .
أما مقال اليوم فيبين أن تجربة النرويج لم تمر بدون مشاكل صاحبت ارتفاع الايرادات النفطية، من ضمنها:
١ ) ارتفاع تكلفة العامل النرويجي مقارنة بغيره من الأوروبيين، مما يزيد من تكلفة المواد المصنعة وبالتالي قد يقلل تنافسية الصادرات النرويجية. فقد ارتفعت التكلفة من حوالي ٣٠ يورو عام ٢٠٠٠ إلى ٥٤ يورو عام ٢٠١٤ في الوقت الذي انخفضت فيه تكلفة العامل في السويد وألمانيا.
٢ ) ارتفاع نسبة تاركي الدراسة بسبب مغريات ارتفاع الراتب
٣ ) ارتفاع نسبة أخذ الإجازات مقارنة ببقية دول اوروبا، مما يسبب قلقا لدى الحكومة من ان ذلك قديؤدي لانخفاض انتاجية العامل التي استطاعوا المحافظة عليها طول السنوات السابقة.
٤ ) ارتفاع نسبة المهاجرين للنرويج من الدول القريبة خاصة من السويد التي بدأت الصحف تطلق عليها لقب “تركيا النرويج”، زادت الهجرة بسبب مغريات ارتفاع الرواتب في النرويج. تلك الهجرة أدت للضغط على سوق العقارات بالارتفاع وخاصة في المناطق المنتجة للنفط، كما يسبب ضغطاً سكانياً على النرويج حيث عدد السكان ٥ ملايين نسمة فقط.
٥ ) ظهور مطالبات سياسية بتخفيض نسبة الضرائب المفروضة على الشعب النرويجي خاصةً في ظل ارتفاع الايردات النفطية.
٦ ) بالرغم من كل تلك النجاحات، إلا أن السياسيين في النرويج قلقون جداً من انخفاض أسعار النفط الذي يمثل أكثر من ٥٠٪ من الصادرات، وحجم القطاع النفطي ومايرتبط به من قطاعات أخرى كالنقل والشحن كبير ايضاً. تشير إحصائيات حديثة إلى ازدياد ارتباط للاقتصاد النرويجي بدورات النفط صعوداً وهبوطاً. فعلى سبيل المثال، مع انخفاض أسعار النفط خلال العام الماضي وهذا العام تشير الإحصاءات إلى أن البطالة ارتفعت في شهر مايو الماضي إلى ٤.٣٪ بسبب تسريح أكثر من عشرين ألف موظف من شركات الخدمات وشركات النفط سواءً الحكومية أوالخاصة، كما انخفض الناتج المحلي بمقدار ٠،١٪ خلال الربع الثاني متأثراً بانخفاض الناتج في قطاع النفط وقطاع الشحن. وقام البنك المركزي بخفض سعر الفائدة في شهر يونيو الماضي للمرة الثانية منذ انخفاض سعر النفط رغبةً في تحفيز الاستثمارات الخاصة، وأخيراً انخفضت قيمة العملة المحلية النرويجية (الكرونه) بحوالي ١١٪ خلال العام الماضي، بسبب التخوف من أن يزداد تأثر الاقتصاد النرويجي بانخفاض سعر النفط.
ختاماً، ليس من العدل الإقلال من تجربة النرويج في الصندوق السيادي، وليس هذا الهدف من هذه المقالات، بل على العكس فهي التجربة التنموية الرائدة في إدارة الإيرادات النفطية حول العالم بشهادة المختصين والسياسيين والأكاديميين على حد سواء. ولكن ليس من العدل أيضاً قص التجربة، والتركيز على الصندوق السيادي كحل وحيد للتنويع الاقتصادي خارج النفط، ومن ثم الإغفال-ـ أو التغاضي ـ عن بقية سياسات التنمية المستدامة التي تعيشها النرويج وتعمل بشكل جاد للحفاظ عليها.
نوف
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734