الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
أجريت منذ فترة عبر حسابي في تويتر استطلاعا باستخدام ميزة الاستفتاءات الجديدة حول مدى تأثير إجادة اللغة الانجليزية على قدرة الشخص في متابعة الأخبار والتطورات الاقتصادية. الأغلبية صوتت بأن اللغة فعلا تشكل عائقا امامهم وهذا لم يفاجئني. المثير للدهشة كان عدة تعليقات تمحورت حول عدم أهمية اللغة أساسا لا عربية ولا انجليزية لأن المهم النتيجة وليس المتابعة على طريقة “هات الزبدة نشتري أو نبيع”. أي أن المهم الوصول الى إشارة الشراء أو البيع بغض النظر عن الأسباب سواء كانت الإشارة تصريحا أو تلميحا من قبل أشخص اخرين.
المستثمر الذي لا يقرأ ولا يتابع التطورات الاقتصادية العامة وتلك الخاصة بالمجال الذي يستثمر فيه لا يمكن له إلا أن يخسر. ليس مطلوبا منه أن يصبح خبيرا اقتصاديا لكن كحد أدنى يجب أن يستطيع تحليل المعلومات لاتخاذ قراره. أي استثمار مهما كان نوعه يعتمد على أمرين لا ثالث لهما كأساس. القيمة الحالية والقيمة المستقبلية. ذلك يتضمن كل التفاصيل المتعلقة من ناحية تحديد فترة الاستثمار والوقت المناسب وحجم الاستثمار. الوصول إلى التقييم في النهاية هو عملية معقدة وليست بسيطة وتتطلب الاستعانة بتقارير متخصصة أو حتى خبراء. هل يعني ذلك أن المستثمر لا يحتاج للقراءة؟ لا. سيحتاج لقراءة التقارير المذكورة للوصول إلى قراره. قد يكون قراره أنه بعد القراءة لم يفهم بما فيه الكفاية وهذا بحد ذاته قرار استثماري أي عدم الدخول في ذلك المجال.
في تقييم الشركات مثلا للاستثمار في أسهمها يجب قراءة التقارير المالية والمحاسبية وتفاصيلها بالإضافة إلى التوقعات المستقبلية وغير ذلك من المعلومات. لا أقول أنه يجب أن يصبح خبيرا ماليا أو محاسبيا، لكنه بالتأكيد كلما زاد اطلاعه على التقارير كلما نمت وكبرت خبرته في المجال وأصبح أكثر تمكنا في اتخاذ القرارات. هناك فرق بين الخبرة المطلوبة لإعداد تقرير مالي والخبرة اللازمة لقراءته. حتى لو قرر الشخص التوجه لصناديق الاستثمار لإدارة أمواله فهو بحاجة للقراءة لاختيار الصندوق الاستثماري المناسب له.
مثال اخر على أهمية القراءة والمتابعة يتكرر كثيرا في أسواقنا العربية. تحصل موجات ذعر باستمرار سببها خارجي مثل هبوط في الأسواق العالمية أو صدور تقارير معينة من هيئات مالية دولية أو حتى انتشار مقولات معينة تتوقع هبوط أو ارتفاع الأسواق. المستثمر الجدي الذي يعطي وقتا كافيا لاتخاذ قرارات غير عشوائية، يتابع ويحلل ويراقب التطورات للتثبت من كون حركة الأسواق فعلا متعلقة بتغيرات اقتصادية أو مجرد ردات فعل عابرة. عند هبوط الأسواق نسمع دائما عبارة “الأزمات تصنع الثروات” فنجد هناك من يندفع للشراء بدون أي تحليل وعندما يخسر يلوم من ردد تلك العبارة. في الأزمات تتولد الفرص الاستثمارية، لكن المستثمر عليه أن يحدد وقت وحجم دخوله إلى السوق بناء لمتابعته للتطورات وليس عشوائيا.
في رأيي أن السبب الرئيسي لعدم الاهتمام بالقراءة والمتابعة هو أولا عدم وجود الخلفية لذلك وثانيا الكسل. المتابعة تتطلب وقتا وجهدا مستمرا عدا عن العودة للمراجع لفهم الكثير من التعريفات الأساسية. اذا كان الشخص لم يتعود على القراءة في الأصل فإن التعود عليها في المجالين المالي والاقتصادي ليس بالأمر الهين، لكنها في النهاية أمواله وهو من سيجني ربحا أو يحقق الخسائر. الاستثمار ليس بالمال فقط بل بالوقت والجهد. العائد الجيد بحاجة الى كل ذلك.
في عصر وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن نوضح ونشدد على أن متابعة الخبراء في تويتر ليست قراءة. لفهم اراء الخبراء وتعليقاتهم والاستفادة منها بشكل جيد على المتابع أن يقرأ ويلاحق التطورات الاقتصادية. من ناحية أخرى، لا بد من التذكير أنه في عصر الانترنت أصبح الحصول على المعلومات سهلا وبسيطا. كل ما يتحتاجه الشخص المهتم هو أن يقرأ.
من يستثمر ولا يقرأ إنما يزيد من نسبة المخاطرة لديه بدون مقابل.
الخطيب
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال