الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أكدت أخر أزمة مالية مرت على العالم على أهمية وجود قياس موحد للقيمة العادلة كأساس للقياس المحاسبي كما أكدت على أهمية وجود متطلبات موحدة للإفصاح عنها وبصيغة مماثلة في المعايير الدولية والمحلية. وكشـفت الأزمة عن عدد من الثغـرات في الأنظمة المالية العالمية كان من أهمها عدم التقيد بمعايير محاسبية موحدة الأمر الذي دفع دول مجموعة العشـرين إلى اتخاذ قرارات جذرية لردم التباين في تطبيق المعايير المحاسبية.
هذه القرارات كانت بمثابة المحرك الأساسي في دفع عجلة أكثر من 114 دولة حول العالم، نحو اعتماد المعايير الدولية للتقارير الذي من شأنه أن يحسن من جودة الإفصاح والشفافية في التقارير المالية.
وكان للتباطؤ الإقتصادي دور في تعزيز الحاجة الى تحسين الشفافية في قياس القيمة العادلة من خلال الإفصاح الكافي الذي يعطي نظرة متعمقة للمساعدة في إدارة المخاطر بشكل فعال. فبعد الأزمة أصبحت الأسواق غير النشطة لبعض الأدوات المالية والمشتقات تزداد بشكل كبير لذلك بدأ مجلس المعايير الدولي ومجلس المعايير المالية الأمريكي بالعمل بشكل متسق لمقاربة متطلبات القياس والافصاح عن القيمة العادلة.
وبنظرة سريعة للتطور التاريخي لمعيار القيمة العادلة ففي مايو 2011م أصدر مجلس معايير المحاسبة الدولية المعيار الدولي للتقرير المالي 13 “قياس القيمة العادلة” ويعرف المعيار القيمة العادلة بالسعر الذي سيتم الحصول عليه لبيع أصل او الذي سيتم دفعه لنقل التزام في معاملة منظمة بين المشاركين في السوق في تاريخ القياس ويستبدل التعريفات في المعايير الفردية التي أصدرت في السابق. وفي يناير 2013م أصدر مجلس المعايير الدولي للتقرير المالي 13 وأصبح بذلك حيز التطبيق. ويهدف المعيار إلى توفير تعريف موحد للقيمة العادلة يستبدل التعريفات التي كانت موجودة في معايير المحاسبة الأخرى والتي كانت مختلفة في بعض الأحيان. ويحدد المعيار إطار قياس القيمة العادلة والإفصاحات المطلوبة عنها.
وبالطبع نشأت الحاجة الى معيار للقيمة العادلة محليا أيضا نظراً لما تتطلبه أو تسمح به معايير المحاسبة المحلية من استخدام أكثر من طريقة لقياس القيمة العادلة للأصول أو الالتزامات أو حقوق الملكية، أو الإفصاح عنها. حيث أن المعايير السعودية تلزم الشركات باعتماد التكلفة التاريخية كأساس لتقييم الأصول في القوائم المالية، إلا أنه صدر رأي عن لجنة معايير المحاسبة يتيح للشركات أن تفصح عن القيمة العادلة للأصول التي لم يصدر بشأنها معيار سعودي، حيث نص الرأي على أنه “يجب الالتزام بالتكلفة التاريخية كأساس لتقييم الأصول في القوائم المالية ولكن نظرا لملاءمة استخدام خصائص أخرى للقياس تختلف عن التكلفة التاريخية مثل القيمة العادلة لأغراض عديدة، أهمها اتخاذ القرارات في ضوء أحدث البيانات المتاحة عن الأصول، فللشركة في المواضيع التي لم تشملها معايير المحاسبة السعودية العمل بمعايير المحاسبة الدولية. ولهذا فقد قامت الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين باعتماد خطة التحول الى المعايير الدولية والتي تتضمن معيار منفصل لقياس القيمة العادلة كأساس للقياس المحاسبي للكثير من الأصول والالتزامات مثل الأدوات المالية بما فيها المشتقات والعقارات الاستثمارية والأصول غير الملموسة والأصول الحيوية وماينتج عنها من منتجات وقت الحصاد وذلك استعدادا لبدأ تطبيقه اعتبارا من 1-1-2017م.
وللتعرف أكثر بما يقصد “بالقيمة العادلة” فتعرف بالسعر الذي سيتم الحصول عليه لبيع أصل او الذي سيتم دفعه لنقل التزام في معاملة منظمة بين المشاركين في السوق في تاريخ القياس. ولأغراض الإفصاح فقد تم تقسيم القيمة العادلة في مستويات متدرجة اعتماداً على مصدر الحصول عليها. ويعد أعلى وأفضل مرتبات القياس للقيمة العادلة هي تلك التي يتم الحصول عليها من سوق نشطة. ويأتي في المرتبة الثانية قياس القيمة العادلة الذي يعتمد على نموذج حسابي للتقييم (مثل التدفقات النقدية المخصومة) يستخدم مدخلات متاحة ومنشورة في السوق مثل أسعار الخصم أو العملة. ثم يأتي في المرتبة الأخيرة استخدام نماذج التقييم التي تعتمد على مدخلات هامة غير منشورة أو متاحة للمستخدمين.
إن قياس القيمة العادلة يجب أن يتم باستخدام المدخلات التي يأخذها المتعاملين في السوق في اعتبارهم عند إجراء المعاملات، الا انه قد يكون هناك بعض الاختلافات في التفسير التي قد تؤدي إلى قياس مختلف من قبل الشركات في تطبيق المعايير الدولية التي تعتمد بشكل كبير على قدرات ومؤهلات المحاسبين.
ان الاحتياج الى كفاءات مدربة ومؤهلة لتطبيق المعايير الدولية بالصورة الصحيحة ركيزة مهمة، ولتحقيق نتائج إيجابية يتطلب من المحاسبين ضرورة تنمية مهاراتهم ومعارفهم لأعداد قوائم مالية معدة على أساس القيمة العادلة في القياس والافصاح مما سيزيد من جودة المعلومات التي تنتجها التقارير المالية ويزيد من شفافية القوائم المالية وفعاليتها في تقديم معلومات للمستفيدين في اتخاذ قرارات رشيدة والتقييم الجيد لأداء الإدارة بشكل يفوق القياس والإفصاح في الأساس التكلفة التاريخية المطبق حاليا في المعايير السعودية.
زمـيـل الـهـيـئـة الـسـعـوديـة لـلـمـحـاسـبـيـيـن الـقـانـونـيـن
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال