3666 144 055
[email protected]
ذكرنا في الحلقة الماضية لموضوع هذا المقال أن خفض سعر صرف الريال مقابل الدولار سيكون له تبعاته، إلا أنه قد يكون خيارا أفضل خصوصا في هذه الفترة بالذات استنادا لبعض العوامل المساعدة، والظروف الاقتصادية المقلقة التي يمر بها الاقتصاد العالمي، والشركاء التجاريين للمملكة على وجه الخصوص من انخفاض في النمو والصادرات، والتحديات المستقبلية التي تطرق لها المقال السابق، واحتمال بقاء أسعار النفط في مستوياتها الدونية، وسنبين في هذه الحلقة بعض النقاط الإيجابية المهمة لأثر انخفاض سعر الصرف، وكوسيلة مساعدة للتخفيف من حجم العجز. رابط المقال هنا
إن أساليب التعامل مع العجز تحكمه أمور مهمة منها متوسط أسعار النفط المتوقعة في الفترة القادمة، وحجم العجز المتوقع، وهل من المستحسن سد ذلك العجز من خلال الاحتياطي، أو من خلال إصدار السندات بالعملة المحلية ، أو التوجه للأسواق الخارجية وإصدار سندات مقومة بالدولار، مع الأخذ بعين الاعتبار تكلفة الاقتراض أو ما يسمى الفائدة على السند، والعائد عليه والذي هو محور اهتمام المقرضين، وهذا العائد أو الفائدة التي يطلبها المقرض يأخذ في اعتباره أمور في غاية الأهمية، كونه سيتخلى عن ماله، من تلك الأمور، درجة المخاطرة، والوضع الاقتصادي والسياسي، ودرجة التصنيف الائتماني للدولة.
المهتمين بالاقتصاد سواء من الكتاب أو المتابعين يذكر القرار الذي صدر عن وكالة ستاندرد اند بورز للخدمات المالية والمتعلق بتخفيض التصنيف الائتماني للمملكة طويل الأجل من (AA-/A-1) إلى الدرجة (A+/A-1)، مع نظرة سلبية للاقتصاد، واحتمال أن تقوم الوكالة بتخفيض آخر للتصنيف مستقبلا كما ذكرت في التقرير، إذا استمر العجز في مستوياته المرتفعة، وعجزت الحكومة عن خفضه، وقد أحدث ذلك القرار ضجة واسعة في وسائل الإعلام، إلا أنه بغض النظر عن مصداقيته وأهدافه، له أثره على الراغبين في الاستثمار وشراء السندات التي تنوي ساما إصدارها للأسواق الخارجية، إذ أن انخفاض درجة التصنيف تعني ارتفاع العائد الذي يطلبه ما نحي القروض على أموالهم، بمعنى ارتفاع تكلفة الاقتراض على مصدر السند، ومن دون شك أن ذلك له آثاره العكسية على المدى الطويل، تتمثل في مدى تحمل الدولة أعباء تلك القروض، والفوائد المتراكمة عليها، والقدرة على الوفاء، وما يتبع ذلك من ثقة المستثمرين في الاقتصاد السعودي، وقدرة الحكومة على إعادة هيكلة الاقتصاد وإبراز قوته ومتانته، إضافة لاستغلال المقرضين حاجة الدولة للاقتراض في ممارسة ضغوط عليها اقتصاديا أو سياسيا، أو حتى التدخل في شؤونها الداخلية، فمن الإيجابيات أيضا لخفض سعر الصرف الريال ما يلي:
1- تحرير قدر لا بأس به من الدولارات أي أن ما تحتاجه الحكومة من الدولار لتحويلها إلى ريالات يكون أقل، فعلى سبيل المثال إذا انخفض سعر صرف الريال إلى 4.5 للدولار الواحد، سنجد أن ما نحتاجه الدولة من الدولارات تقريبا 22.2 مليار دولار للحصول على 100 مليار سعودي بدلا من 26.6 مليار دولار، إي سيؤدي ذلك لتحرير 4.4 مليار دولار أي ما يقارب20 مليار ريال، مما يمنح الدولة فرصة لاستثمار ذلك النقد، و تخفيف الضغط والتقليل من تراجع احتياطيات الدولة من النقد الأجنبي.
2- سيقلص حجم السندات التي قد تضطر الدولة لإصدارها سواء السندات المحلية والتي قد تؤثر على حجم السيولة المحلية لدى القطاع المصرفي والمؤسسات العامة، على تلبية طلب الشركات وحاجات الأفراد للنقد، أو السندات المقومة بالدولار، والتي قد تكون ذات فوائد مرتفعة مما يرهق الدولة ويزيد من تراكم الديون الخارجية في حالة استمرار العجز والحاجة للاقتراض، ومن دون شك أن ذلك ليس في مصلحة الاقتصاد على المدى المتوسط.
3- أن خفض سعر صرف الريال قد يقلل من خروج الأموال والسبب أن ذلك يتطلب خسارة ريالات إضافية للحصول على الدولار، فمثلا في حالة خفض سعر صرف الريال مقابل الدولار بـ 4.5 ريالات للدولار الواحد على سبيل المثال، كما ذُكر سابقا، فهذا معناه أن الحصول على دولار واحد يتطلب 4.5 ريالات بدلا من 3.75 ريال، مما يعني خسارة كمية من النقد.
4- كما أن خفض سعر صرف الريال يعزز من صادرات المملكة، حتى في ظل رفع الدعم عن البعض القطاعات الصناعية، مما يصب في مصلحة الميزان التجاري للدولة، والذي قد يشهد عجزا في المستقبل نظير انخفاض أسعار النفط، والذي يُعد السبب الرئيسي في ميل كفة الميزان التجاري، كما لا نغفل دور السياحة الدينية طوال العام وموسم الحج، وأهميتها في إعطاء الريال مزيدا من الثقة، والطلب عليه مما يحقق استقرارا له بإذن الله.
هذه أبرز النقاط المهمة التي تتعلق بخفض سعر صرف الريال مقابل الدولار، بقي أن أشير أن خفض سعر صرف الريال مقابل الدولار ونسبة ذلك مرتبطا بقدرة الدولة على الإسراع في معالجة التضخم المحلي الناتج عن ارتفاع تكاليف السكن، والذي قد يكون في حالة تخفيفه عاملا مساعد في تخفيف آثار التضخم المستورد الناتج عن ارتفاع السلع في حالة خفض الريال على المواطن.
ختاما يبقى خفض سعر الريال أمر مقبولا وخيار أفضل في الوقت الراهن، إلا أنه قد يكون أمرا حتميا إذا بقيت أسعار النفط في مستوياتها الدونية ، واستمر الإنفاق الحكومي بهذه الوتيرة العالية.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734