الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
A_ArRasheed@
مع الانخفاض الحاد في أسعار البترول والضغوط الكبيرة على الميزانية الحكومية التي يعتمد عليها الاقتصاد السعودي في تحقيق النمو، يتزايد الاهتمام بأحد أهم أهدافنا التنموية وهو تنويع الاقتصاد الوطني. ويبدو أن برنامج التحول الوطني الذي سينطلق قريبا يجعل هذا الهدف في مقدمة أولوياته.
ومن خلال ما اطلعت عليه من معالم برنامج التحول الوطني اتضح لي أنه لا يشمل إصلاح وتطوير منظومة التمويل مع قناعتي التامة بأهمية ذلك كمتطلب ضروري لتنويع الاقتصاد الوطني وزيادة مساهمة قطاعات الاقتصاد غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي.
تحظى البنوك في المملكة بمزايا كبيرة يأتي على رأسها تمتعها بحالة من الاحتكار لسوق التمويل الخاص وذلك لصعوبة الدخول إلى هذه السوق بل ربما استحالة الحصول على ترخيص لبنك جديد في المملكة. ولعل من أبرز المزايا التي يتمتع بها قطاع البنوك تمكينه من الاقتطاع المباشر من حسابات العملاء الملزمين بفتح حسابات بنكية لاستلام رواتبهم.
إلا أن هذه المزايا التي تتمتع بها البنوك المحلية لا يقابلها مزايا تقدمها للعملاء من المواطنين والمؤسسات الصغير والمتوسطة لا في تكلفة التمويل ولا في شروطه وصيغه التعاقدية، وذلك نتيجة طبيعية للوضع شبه الاحتكاري لها في السوق المحلية. وأظن أن أي محاولة لتنويع الاقتصاد الوطني ودعم المبادرات الفردية وتعزيز دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي يعول عليها كثيرا في المرحلة القادمة لن يتحقق ما لم يستهدف برنامج التحول الوطني إصلاح قطاع البنوك التي يفترض فيها أن تقوم بدور التمويلي لجهود التنمية بجميع مستوياتها وفي جميع أطراف المملكة.
إصلاح القطاع البنكي المحلي لا بد أن يشمل هيكل القطاع الذي يقتصر حاليا على نموذج واحد فقط هو البنك التجاري، إذ لا بد من إدخال نماذج أخرى مثل البنوك التعاونية والاتحادات الائتمانية والبنوك المتخصصة في تمويل قطاعات وأنشطة بعينها، والبنوك الوقفية، وبنك للزكاة، وغير ذلك من أنواع المؤسسات التمويلية. كما ينبغي السماح لوجود بنوك صغيرة تستهدف في خدماتها نطاقات جغرافية أصغر، والهدف من ذلك كله هو توفير التمويل لكل الأنشطة بكل مستوياتها الكبيرة والمتوسطة والصغيرة. فالحال القائم الآن يظلم أصحاب المبادرات والمنشآت الصغيرة لأنه يضعها في تنافس للحصول على التمويل مع الشركات الكبرى من جهة والموظفين أصحاب الرواتب، وهي منافسة يصعب عليهم التفوق فيها، في حين لو تعددت أشكال البنوك لوجد أصحاب المبادرات مؤسسات تمويلية تتناسب مع طبيعة نشاطهم الاستثماري ومع حجم التمويل المطلوب.
إن النتائج المستهدفة لبرنامج التحول الوطني لن تتحقق بالاعتماد على القطاع البنكي بشكله الحالي، وما لم يدخل هذا القطاع في دائرة التحول فسيكون أحد أهم معوقات البرنامج.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال