الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
استكمالا لما أفردت في مقالين سابقين من هذه السلسة عن أهمية تكامل الهيئة العامة للأوقاف مع الهيئات و الصناديق الحكومية في تقديم خدمات مشتركة للمستفيدين من برامجها، أناقش في هذا المقال دور الأوقاف في تنمية الصناعة، و وجاهة تكامل الهيئة العامة للأوقاف مع الهيئات و الصناديق الحكومية المعنية بدعم ، و تطوير، و تمويل الصناعة في المملكة العربية السعودية. ذكرت – كذلك – في المقالين السابقين أن الوقف مر عبر التاريخ الإسلامي بمراحل من التجديد و الابتكار تماشيا مع المتغيرات الاقتصادية و المجتمعية ، فتعددت فيها أشكاله و أغراضه. المقال الأول هنا المقال الثاني هنا والحق أن المسلمين أبدعوا في إبتكار أوقاف مختلفة تناسب مقتضيات الظرفية التاريخية التي عايشوها في كل مرحلة ، و من ذلك أعيان وقفت على الصانعين و الحرفيين و أرباب المهن، كالنقود و الأدوات و الحانات و الدواب و غير ذلك. أقول: إن سابقة نجاح الأوقاف عبر التاريخ الاسلامي في دعم و تنمية الصناعة ، على بساطتها مقارنة بالصناعات الحديثة ، و بما أتيح للبشرية من أدوات و عوامل إنتاج ، تؤهل الأوقاف لتضطلع بدور ريادي في التنمية الصناعية الحديثة، مرتكزة في ذلك على مرونة مفهوم الوقف و إمكانية إبتكار صيغ و آليات و منتجات وقفية مختلفة. و أرى أن استراتيجية التحول الوطني تفتح مجالا واسعا للأوقاف لتساهم في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية الطموحة بتكامل الهيئة العامة للأوقاف مع صندوق التنمية الصناعية، و هيئة المدن الصناعية، و الهيئة العامة للمشاريع المتوسطة و الصغيرة ، و هيئة تنمية الصادرات السعودية. تكامل يسهم في تذليل العقبات التي قد تعوق نمو و تطوير الوقف على الصناعة عن طريق تيسير إجراءات الترخيص، و توفير الدعم و المشورة ، و إتاحة التمويل اللازم لمن إستوفى شروطه ، و ترتيب الخدمات المساندة الأخرى كالبنى التحتية و اللوجستية، و الانفتاح على الأسواق العالمية. للوقف على الصناعة صور عدة منها المباشر كوقف أرض أو خط إنتاج أو مستودعات أو غيرها من الأعيان الثابتة ، و منها ما هو غير المباشر كوقف النقود في صناديق استثمارية خاصة تدعم توزيعاتها الدورية الصناعة بتمويل الصناعيين تمويلا رأس ماليا أو تشغيليا، أو بتغطية تكاليف الدراسات الأولية و المشورة الدورية اللازمة لهم. و لمثل هذه الأوقاف تجارب ناجحة في بعض الدول الإسلامية و إن كان معظمها خصص للقروض متناهية الصغر و الصناعات الحرفية. و أقترح أن تتكامل الهيئة العامة للأوقاف مع هيئة المدن الصناعية في وقف مدن صناعية مكتملة الخدمات توزع على منظمات متوسطة و صغيرة تؤهلها لذلك و ترشحها و تشرف عليها الهيئة العامة للمشاريع المتوسطة و الصغيرة ، و يتم تمويل هذه المشاريع الصناعية من صناديق وقفية خاصة يشارك في الإشراف عليها و دراسة طلبات التمويل و تقديم الدعم و المشورة صندوق التنمية الصناعية. ومن الممكن أن يبدأ هذا التكامل المقترح بوقف عدد من المصانع الجاهزة – التي بدأتها هيئة المدن الصناعية – و توزيعها على الصناعيين الجدد و تمويل حصولهم على خطوط الانتاج من الصناديق الوقفية. و علامة نجاح هذا التكامل – في المستقبل – ستكون في دور هيئة تنمية الصادرات السعودية في دعمها للصناعات المستفيدة من الأوقاف للانفتاح على الأسواق العالمية ، و رفع مستوى جودتها التنافسية. تشير الإحصائية الصناعية للربع الرابع 2015م الصادرة عن وزارة التجارة و الصناعة على أن عدد المصانع في المملكة العربية السعودية يزيد عن 7 الآف مصنع في مختلف الأنشطة المعتمدة من الوزارة، و يعمل بها حوالي مليون عامل. استأثرت مناطق الرياض و مكة المكرمة و الشرقية بحوالي 5800 مصنع أي ما نسبته حوالي 83% من مجموع عدد المصانع. و أنا على يقين أن الأوقاف على الصناعة ستساهم في توسيع القاعدة الصناعية في المملكة العربية السعودية بدعمها للصناعات المختلفة بخاصة في المناطق غير الثلاث الرئيسة و هو ما تسعى له برامج التنمية. مع الأخذ بعين الإعتبار أن الصناعة هي السمة المشتركة لكل الدول المتقدمة. النمري
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال