3666 144 055
[email protected]
abdulkhalig_ali@
[email protected]
برامج السعودة أشبه بمسلسل مكسيكي غير مترجم ، فهل من جديد في برنامج سعودة محال الاتصالات ؟ أم أنه لا يختلف عن سعودة محال الذهب والليموزين والخضار وغيرها ؟ التي صدرت بها قرارات مُلزمة ونُفذت على الطريقة السعودية ؛ إما بأجير سعودي يقف في محل يملكه ويديره وافد كما حدث في محال الخضار ، أو بإلباس العاملين في المحل الشماغ السعودي الذي قام مقام السعودي في السعودة كما حدث ولازال في محال الذهب ، أو بالعودة عن القرار سرا والقبول بعمل الأجنبي بعد تعطل العمل كما حدث في سيارات الليموزين .
الحقيقة أن قياس سعودة محال الإتصالات على تاريخ السعودة محبط جدا ولا يدع للتفاؤل . من حيث ضعف الرقابة على تطبيق النظام بعد مرور شهرين أو ثلاث من بداية تنفيذ القرار حيث تختفي العمالة الأجنبية من السوق تقريبا وتدخل في ما يشبه البيات الشتوي ، وبمجرد ضعف الرقابة يعودون إلى مواقعهم ، بل إن بعضهم يفرح بذلك القرار لأنه يُخرج من السوق من ليس لديهم تأشيرات عمل لإستحواذهم على جزء من السوق وخفض الأسعار .
فقد عودتنا الوزارات المعنية بالسعودة أن صلاحية قوانينها ثلاثة أشهر فقط بعد ذلك يعود كل شيء كما كان وربما أسوأ ، وعرفت ذلك العمالة الوافدة فتمرسوا على الأختفاء تلك الأشهر .
الجانب التاريخي الأخر الذي يدع للتشاؤم هو عدم جدية معظم الشباب في تحمل ضغوط العمل الحر طويل الدوام قليل الإجازات رغم دخوله العالية ؛ وقد تسبب هذا في أزمات حقيقية في كل القطاعات التي تم تطبيق السعودة فيها بالقوة الإجبارية ، وحدث تضخم في حلقات الخضار ، وتوقفت كثير من سيارات الليموزن ، حتى محال الذهب لم تلقى إقبالا من الشباب السعودي رغم المغريات الحقيقية التي قُدمت لهم . ولن ينجح أي مشروع سعودة ما لم يؤمن به الشباب ويتحملون تبعات تنفيذه .
المسألة التاريخية الأخيرة المخيبة للأمل أن تكون السعودة بيد قيادات أجنبية تفرض سيطرتها على الشباب وتعمل على الضغط عليهم لإخراجهم من السوق بكل وسيلة ممكنه ، وهذا حدث ويحدث كثيرا في معظم الشركات التي يعمل بها الشباب السعودي .
مع كل تلك العوامل غير المشجعة على التفاؤل إلا أنني أرى من العوامل ما قد يجعل القرار ينجح هذه المرة بشروط .
بداية قطاع الإتصالات من ميادين الشباب المحببة لأنفسهم ، وقد برع فيه الكثير منهم من خلال العشق والهواية ، وتظهر في ممارستهم وتعاملهم مع الأجهزة الحديثة . وذلك العشق يسهل عليهم تعلم خفايا ذلك القطاع ومهاراته ، وأقصد هنا الصيانة البسيطة والمتقدمة وكذلك مهارات التسويق الخاصة بمثل تلك الأجهزة . كذلك فترة العمل في محال الاتصالات أقل بكثير من غيرها من القطاعات التي تم سعودها وهذا جانب مهم ، رغم أن وقت العمل في عموم المحال التجارية لازال طويلا مرهقا لأي شاب سعودي . عوائد هذا القطاع كبيرة جدا ومغرية لأي مستثمر وهو سريع النمو والتطور وعوائدة المستقبيلة أكثر إغراء . أخيرا هذا القطاع لا ينظر له الشباب بدونية كما هو حال قطاعي الخضار والليموزين .
فيما يتعلق بوزارة العمل حسب ما أعلنت لديها برنامج متكامل لتحفيز سعودة هذا القطاع يرتكز على أربع مستويات ، هي الرقابة والمتابعة لبرنامج السعودية ، وتدريب الشباب الراغب في العمل على الصيانة والتسويق ، توظيف الشباب بإحلالهم محل العمالة الأجنبية في محلات الإتصالات ، وتقديم القروض لمن يرغبون في الإستقلال بأعمالهم الخاصة .
أخيرا يمثل هذا القطاع أهمية أمنية حكومية وإجتماعية ، حيث ظهرت كثير من المشاكل الأمنية على المستوى الحكومي والإجتماعي نتيجة الفوضى في عمل هذا القطاع المهم . كما أن مستوى البطالة بين الشباب السعودي وصل لمستويات توجب العمل بجد وحزم لخفضها .
لكن لن يكتب النجاح لهذا البرنامج كسابقيه من البرامج ما لم يتحقق شرطين رئيسيين ، الأول هو الصرامة في الرقابة على السعودة ولمدة طويلة لا تقل عن سنتين أو ثلاث حتى يتم الإحلال الكامل للشباب السعودي محل العمالة الأجنبية ويتحقق تمكنهم من السوق ، وأهم ما يجب التركيز عليه في هذا الجانب هو التستر الذي أرهق كل عمليات السعودة وحكم عليها بالفشل قبل تطبيقها ، وذلك المتستر يبيع نفسه ووطنه من أجل فتات الفتات ليتم إستغلال إسمه ؛ إضافة إلى منع وجود مسؤول غير سعودي يتحكم في عمل الشباب في هذ القطاع بأي شكل من الأشكال .
الشرط الثاني يتحمله الشباب وعليهم أن يثبتوا أنهم جادون في العمل وليس كما يشاع عنهم أنهم كُسالى ولا يرغبون في العمل الحر المرهق أو العمل في القطاع الخاص الذي يفرض الجدية في العمل والإنضباط أثناء الدوام . والفرصة هذه المرة أراها حقيقية وليس للشباب عذر في النجاح فيها ، وإن حدث لا سمح الله وفشلو فليس من حقهم بعدها المطالبة بالسعودة في أي قطاع ، فهذا القطاع أقرب القطاعات للشباب والنجاح فيه أسهل بكثير من غيره من القطاعات .
ختام الكلام ، لم يكن هذا موضوع مقالي لهذا الأسبوع ، لكن لأهمية هذا الموضوع وإعتقادي أنه فرصة مواتية للشباب ليس لهم أن يفرطوا فيها خصوصا مع توافر كل مقومات النجاح . لذلك فضلت الكتابة عنه ، لأنصح الشباب الذين لديهم رغبة في العمل في هذا القطاع ألا يترددوا أبدا فالأولات الروابح ، وأنصح من لديه روح المغامرة أن يجرب عمله الخاص به ، ومن تنقصه الخبرة والجرأة عليه بالعمل في المؤسسات القائمة حتى يكتسب الخبرة ويعرف خبايا السوق بعدها يمكنه أن يعمل لحسابه الخاص أو يدخل شريك مع أصحاب رؤوس الأموال .
أيها الشباب لا تسمعوا أصوات المتشائمين المثبطين ، لا يوجد نجاح بدون تعب وجهد وحالات تعثر في الطريق ، لكن الجاد سيصل لهدفه بإذن الله .
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734