الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
abdulkhalig_ali@
abdu077@gmail.com
يتهيب معظم الشباب العمل الحر لأسباب جوهرية ومؤثرة ، لذلك هم يفضلون الإلتحاق بالوظائف مهما كان دخل تلك الوظيفة بسيطا . وقد ناقشت أحد الشباب الذي يعمل حارس أمن في إحدى المستشفيات الحكومية ، فوجدته يتقاضى ١٨٠٠ ريال بعد الخصومات ولديه أسره ، حاولت إقناعه بالعمل الحر ولو في أوقات فراغه ، لكنه كان رافضا للفكرة وبقوة ، ويتحدث عن العمل الحر بخوف وعدم ثقة . والواقع أن ذلك حال معظم الشباب الذين تحدث إليهم عن هذا الموضوع .
والأسباب التي تجعل الشباب يتهيبون خوض تجربة العمل الحر كثيرة ، يأتي في مقدمتها السؤال الذي سُئلته كثيرا من طلابي وممن حضروا دوراتي وهو (ما المشروع التجاري المناسب لنا؟) . هذا السؤال هو المعضلة الأولى في طريق الراغبين دخول مجال العمل الحر ، من أين يبدأ ؟ وما العمل الحر الذي يناسبه؟ فعظم الشباب ليس لديه أي فكرة يبدأ بها مشروعه التجاري ، والخوض في المجهول مخيف ومربك ولا يستطيعه أي أحد .
حتى مع وجود الفكرة المناسبة والمكتملة يظل هاجس الفشل مسيطر على أذهان الشباب المقبلين على العمل الحر ، فالأحلام الجميلة والأفكار الوردية والطموح العالي لا تعدو أن تكون حبرا على ورق ، ولجة المعركة بالتطبيق على أرض الواقع تكشف صدق تلك الأفكار والأحلام من كذبها ، وهذه الفكر ةمخيفة أيضا ومقلقة .
ومن الأسباب الجوهرية التي تمنع كثير من الشباب خوض غمار العمل الحر عدم وجود رأس المال الكافي لتنفيذ المشروع الذي يفكر به ، وطرق تأمين رأس المال الكافي للمشروع مرهقة ومخيفة ، خصوصا إذا كان الإقتراض هو الطريق الوحيد لمعظم الشباب ، والخوف من خسارة ذلك المال وعدم القدرة على الوفاء بالدين بعد ذلك تصد الكثيرين عن تنفيذ فكرة المغامرة بالعمل الحر .
كما أن توفير العمال للمشاريع المبتدئة صعب ويزداد صعوبة بمرور الوقت ، ويستهلك الكثير من الجهد والمال والوقت ما جعل بعض الشباب يتوقف عن مشروعه قبل إكماله ، والتحذيرات المنتشرة بين المقبلين على العمل الحر من هذا الأمر أحبط بعض المتحمسين وصدهم عن أكمال حلمهم قبل أن يبدأ. ويتبع تلك المشكلة مشكلة أخرى لا تقل عنها إرهاقا وصعوبة وهي الحصول على التراخيص النظامية اللازمة لمزاولة النشاط التجاري ، ومطاردة المستثمر بين البلدية ووزارة التجارة والغرفة التجارية والجهات الأخرى ذات العلاقة تستنزف كل طاقته وحماسه ورغبته للعمل الحر .
أما السبب الجوهري الأخير الذين يمنع كثير من الشباب من خوض غمار العمل الحر فهو إيجاد منافذ البيع المناسبة ، فمنافذ البيع الجيدة والمضمونة مكلفة ، والحصول عليها صعب في بعض الحالات.
لكل تلك الأسباب يتعذر على غير الجريئين والمغامرين من الشباب دخول ميدان العمل الحر ، من هنا كان البدء بتجربة المشاريع الصغيرة جدا يتجاوز كل تلك المخاوف . فالمشاريع متناهية الصغر تعطي الشاب فرصة تجربة مختلفة الأفكار والتعرف على المشاريع التي تناسب قدراته وإمكانياته وميوله . ثم إنها تكشف له كثير من خبايا السوق التي ما كان له أن يتعرف عليها مالم يجرب العمل الحر فعلا ، وذلك يجعله يكتشف فرص عمل ما كانت لتخطر بباله .
والمشاريع متناهية الصغر لا تتطلب كثير من المال لتنفيذها ، وقد لا تحتاج لغير صاحب العمل للقيام بها ، وليست بحاجة لتراخيص وأوراق رسمية . أما منافذ البيع فسهلة وميسورة وغير مكلفة ، بدء من المواسم والعطل والإجازات وما توفره من فرص كبيرة ، مرورا بمعارض دعم الأسر المنتجة والشباب كمشروع صنع بيدي الذي تقيمه كل سنة جامعة الملك عبدالعزيز ، وغيرها الكثير من المعارض الداعمة للشباب ، والبيع عند الأسواق والمنتزهات والمساجد، أو التسويق للمحلات التجارية ، وإنتهاءً بمنصات التسويق الإلكترونية التي فتحت أبوابا واسعة لتلك المشاريع الصغيرة .
أما المفاجئ للشباب الذين سيجربون تلك المشاريع المتناهية الصغر فهي الأرباح الكبيرة التي سيحققونها والتي قد تكفيهم موؤنة الإقتراض لتطوير مشاريعهم أو البدء بمشاريع أكبر . وللدلالة على تلك الأرباح أذكر أن معرض صنع بيدي الذي أقامته جامعة الملك عبدالعزيز لطالباتها قبل مدة قصيرة حقق خلال خمسة أيام أربعمائة ألف ريال ، كعوائد للمشاركات اللاتي لم يتجارز عددهن المئة وثمانين طالبة ، وبمشاريع متناهية في الصغر جدا .
لا تتردد أخي الشاب بتنفيذ مشروعك الصغير جدا ولا تحتقره فكل مليارديرات العالم بدأوا من مشروع لا يُرى بالعين المجردة ، إطلع على قصصهم وسوف تتأكد من كلامي .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال