الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
في العقدين الأخيرين تزايد استخدام مصطلح “رائد الأعمال” في منطقتنا بشكل كبير جدا ومع ذلك لا يوجد حتى الان تعريف شامل متفق عليه لمعنى ريادة الأعمال. البعض يعتبر أن رائد الاعمال هو من يؤسس عملا جديدا بنفسه ويأخذ مخاطرة الفشل لإيمانه بمشروعه وقدراته. يشترط البعض أن يكون قد بدأ من الصفر ولم يأت من عائلة مقتدرة ساعدته في توفير التمويل اللازم لمشروعه. في المقابل هناك من يشترط أن يكون المشروع قائما على فكرة ابداعية مبتكرة.
في رأيي أن التعريف بحد ذاته ليس مهما لأن المهم هو التشجيع على أخذ المبادرات لما له من أثر إيجابي على الفرد بشكل خاص وعلى المجتمع بشكل عام. و تحت عنوان التشجيع على ريادة الأعمال تكاثرت المؤتمرات والملتقيات الخاصة بذلك حتى أصبحت تجارة مربحة، وبالتالي أصبح التواجد في تلك الملتقيات أولوية عند الكثير من الأشخاص أكثر من نتائج أعمالهم وتطويرها. المنظومة أصبحت متكاملة وسهلة. يبرز أحدهم في مجال معين فيجد مدخلا إلى نادي رواد الأعمال ثم تتلقفه وسائل الإعلام لتلميعه وإظهاره أكثر ويقوم هو بالجزء الخاص به عبر وسائل التواصل الاجتماعي فنصبح أمام شخص مشهور. لذلك فإنه من الواضح أن هدف الشهرة يتفوق على غيره من الأهداف عند الكثيرين ممن يطلق عليهم رواد الأعمال.
من الصعب جدا تحليل نتائج أعمال معظم “رواد الأعمال” في المنطقة لغياب الشفافية في الأسواق من جهة ولعدم إدراج شركاتهم في البورصات المالية من جهة أخرى. المتوفر عادة من معلومات هو ما يتم تقديمه من “الرواد” أنفسهم عبر حملاتهم التسويقية والإعلامية. وهنا أيضا كلما كان الحملات ذكية كلما اشتهر الشخص بالنجاح بغض النظر عن الأرقام التي تحققها شركته أو حتى عن مصادر ثروته. نسمع مثلا عن “رائد أعمال” دخل في استثمار جديد بمبلغ كبير. لا نعرف اذا كان مصدر الاستثمار الجديد أرباحا حققها من مشروعه الريادي أو من دعم عائلي. الصورة تبقى إعلامية وتسويقية.
لا يوجد مشكلة طبعا في كل ما تقدم، فمن حق أي شخص أن يقوم بالأعمال التي يريدها ويسوق نفسه بالشكل الذي يعجبه. التأثير فقط هو على من يراقب المشهد ويريد أن يكون “رائد أعمال” جديد. من الصعب جدا عليه أن يجد مثالا يحذو حذوه ويقلده. أما اذا أراد أن يصبح مشهورا فسيجد الكثير من الحالات التي يمكنه اتباع خطواتها. كما يمكنه خلال فترة قصيرة أن يصبح محاضرا في المجال.
صدرت مؤخرا اللائحة الجديدة لأثرياء العالم والتي تسمي أغنى الأغنياء في العالم. في اللائحة الطويلة نجد عددا من “رواد الأعمال” في العالم لكننا لا نجد روادا عربا ممن برزوا في المنطقة في العقدين الأخيرين. الأمر ملفت في الحقيقة لأننا نسمع عن أعداد كبيرة جدا تحكي عن نجاحات متواصلة لكننا لا نراها على لائحة الأثرياء حتى في المراكز المتأخرة. يعود السبب في ذلك أولا لأنه كما ذكرنا لا يوجد معلومات كافية عن الشركات العربية الخاصة، لذلك من الممكن أن يوجد من يجب أن يكون على اللائحة لكنه يغيب عنها بسبب عدم توفر المعلومات، وهذه فئة نادرة في رأيي، إن وجدت.
هناك نوعان اخران من “رواد الأعمال”. أولهما ذلك المشهور بسبب انشغاله بالتواجد المستمر في الملتقيات والمؤتمرات والمنصات الإعلامية. أما النوع الأخر فهو الذي حقق نجاحا معينا ولكنه لم يصبر كثيرا واختار بيع مشروعه لشركات استثمارية محققا عائدا جيدا مقارنة بما بدأ به. هناك العديد من الشركات الاستثمارية والتمويلية التي تبحث عن المشاريع الناجحة وتشتري أغلب حصصها مفضلة الدخول في شركات جاهزة على الاستثمار من الصفر. تعرض تلك الشركات أسعارا يراها “رائد الأعمال” كبيرة بالنسبة له فيوافق على البيع. المبلغ المدفوع في نظر المستثمر الجديد بالتأكيد يبدو قليلا لأنه يتوقع تحقيق عوائد مستقبلية أكبر وإلا لما دخل في الاستثمار.
بالمقارنة مع العالم، نجد أن “رواد الأعمال” ممكن الحصول على نتائج أعمالهم بسهولة أكبر وبالتالي يمكن تقييم النجاح وحجمه. من جهة أخرى، فإن نجاح “رواد الأعمال” يقاس بالثروة التي حققوها من مشاريعهم التي أسسوها وتعبوا فيها وابتكروا وأبدعوا. في الحالات الناجحة جدا، سنجد أن من أسس المشروع استمر يعمل فيه ووسع الشركة وأدرجها في البورصة مما يعني أنه باع جزءا وحقق عائدا كبيرا مع استمراره في العمل على تطوير مشروعه. فيما بعد، سنجد ذلك الشخص مشهورا بسبب وصعه على لائحة الأثرياء وليس بسبب حضوره لمؤتمرات ريادة الأعمال.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال