3666 144 055
[email protected]
رئيسة قسم المحاسبة بجامعة الأميرة نورة بمن عبدالرحمن
[email protected]
يتحدث العديد عن القيادة وأهميتها، الكثير من الدورات تعقد لبناء القدرات القيادية لدى المدراء أو الأشخاص في موضع المسؤولية، وكتب تتحدث عن القادة ودورهم في قيادة مؤسساتهم للنجاح، هناك من يتحدث عن قيادة ستيف جوبز لآبل، أو مارغريت ثاتشر لبريطانيا وغيرها من الأمثلة، ولكن يسيطر على تقييمنا للقيادات الناجحة مبدأ النجاح بالمفهوم الرأسمالي ونغفل بشكل كبير جانب مهم ألا وهو الجانب الأخلاقي، إذا كان هناك درس واحد يمكن تعلمه من الأزمة المالية العالمية الحالية، فهو أن قادة الأعمال فشلوا فشلا ذريعا في تنفيذ النظم القائمة على القيمة وبدلا من ذلك، أطلقوا العنان للجشع والسعي وراء المكافآت النقدية على حساب الاقتصاد والمصلحة العامة ونمو القدرات البشرية بشكل عام، فما هي القيادة الناجحة؟ هل هي قيادة البنك الذي نجح في مضاعفة أرباحه بالمضاربة في السلع وأهمل في بناء الاستثمار المجتمعي، أو ذاك البنك الذي عزز دور المسؤولية الاجتماعية في دعم المؤسسات الصغيرة والأسر المنتجة لتنمو وينمو معها المجتمع! وهل القيادة الناجحة من تستغل فقر العمالة في صنع هواتف نقاله ومنتجات غاليه الثمن بدون اهتمام لمكافأة العاملين المحتاجين! وهل القيادة الناجحة تكون في شركة أدوية استغلت حاجة البشرية لدواء معين وعملت على مضاعفة أرباحها بدلا من جعله متوفر بأسعار معقولة لجميع أفراد المجتمع! من من هؤلاء القادة سيتم الحديث عنه في المحاضرات وتنشر فيه الكتب ويدرس في مدارس الأعمال؟
المشهد التجاري في القرن ال21 تنافسي للغاية و هذا يعني أن القادة عليهم مطالب وضغوطات غير عادية تم فرضها عليهم، ولكن ذلك لا يعني أنهم يجب أن يبحثوا عن طرق سريعة للنجاح و التضحية بالأخلاقيات و المبادئ في سبيل تحقيق الأرباح الطائلة، ولايمكن قبول القائد الذي أستسلم لهذه الضغوطات ولم ينجح في مقاومة هذا التيار والوصول إلى معادلة ناجحة لمؤسسته ومجتمعه؟
اذا ما هو المطلوب في العصر الحالي، هل يأخذ القائد دوره ويتحلى بمسؤولياته ويمارس القيادة على أسس قائمة على القيمة التي تعطي أهمية للأخلاقيات والمبادئ الإنسانية، ومثلما تطرقت العديد من المقالات عن المسؤولية الاجتماعية، فيمكننا المضي في هذا القرن فقط إذا تعاونا مع وجود المنافسة وتشاركنا مع وجود المكاسب، وبالتالي، فإن الحل للأزمة التي تواجه البشرية يصبح واضحا، حيث أن جميعنا يواجه مصيرا واحدا، ومن هنا يمكن للقادة عرض مهاراتهم القيادية من خلال القدوة الحسنة وتعليم الآخرين المضي قدما إلى بر الأمان.
وعلاوة على ذلك، فإن قادة القرن ال21 لديهم وظيفة حيوية أخرى وهو أن يكونوا قدوة ومثالا يحتذى به للجيل القادم، حيث ان العديد من الأشخاص خلال العقدين الماضيين تأثروا بشكل أو بآخر بقادة من خلفيات عديدة بعضها أمثلة جيدة وبعضها في اعتقادي أمثلة سيئة، وفي بيئتنا العديد من الأمثلة الناجحة لقادة عملوا على نجاح وطنهم على مصالحهم الخاصة، فعبدالله الطريقي أول وزير نفط سعودي جاهد في سبيل حصول المملكة والدول المصدرة للنقط على استقلاليتهم من تسلط شركات النفط ولم يستغلها في سبيل مصلحته التجارية، وغازي القصيبي أبن العائلة التجارية المعروفة قضى حياته في الخدمة العامة ومحاولة الارتقاء ببلاده رغم سيل الهجمات التي تعرض لها طوال حياته، ونجد الان العديد من رجال الأعمال فيمن يدخل في مساهمات اجتماعية فعاله لدعم المحتاجين والأسر ورجال الأعمال. ونجد أيضا شركات تضحي بأرباح أكبر في سبيل دعم مجهودات الدولة في السعودة واعطاء الفرصة للشباب السعوديين في الارتقاء والوصول لأعلى السلالم الوظيفية. وهنا يقع على عاتق الإعلام تشجيع وإظهار هذه النماذج الناجحة من القادة في القطاع العام والخاص وإبراز دور المسؤولية الاجتماعية كأهم دور للقادة لبناء القدوات الحسنة وتعليمه في مناهجنا التعليمية وفي تدريب الموظفين وبالتالي التحلي بنهج شمولي يوازن بين تحقيق الأرباح وبناء المجتمع والاستثمار فيه.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734