الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رئيسة قسم المحاسبة بجامعة الأميرة نورة
Aysha_AlSalih@
تعتبر المسؤولية الاجتماعية للشركات من المواضيع الهامة لما لها من آثار كبيرة على المجتمع، فالبعد الأخلاقي المجتمعي في إدارة المؤسسات يأخذ على عاتقه الانتقال بالعمل من مفهوم تقديم الخدمة التطوعية إلى نطاق أوسع يعتمد على تبني مفهوم المسؤولية المجتمعية، وهناك العديد من التعريفات للمسؤولية الاجتماعية التي تختلف باختلاف وجهات النظر في تصوير هذه المسؤولية، إلا أن كل هذه الآراء تتفق على أن المسؤولية المجتمعية هي ثقافة الالتزام بالمسؤولية ضمن أولويات التخطيط الاستراتيجي للمؤسسة، وتوفير الدعم والمساندة التامة من قبل الإدارة العامة تجاه التنمية المستدامة بأبعادها الثلاث الإقتصادية والاجتماعية والبيئية، فمفهوم المسؤولية المجتمعية للشركات يرتكز على ثلاثة أمور: أولا التأمل في ماتم انجازه بالمؤسسة والتأكد من موافقة الخدمة المقدمة لحاجة المجتمع، ثانيا القدرة على تشخيص مصادر القوة لإدامتها ودراسة السلبيات لتلاشيها والسعي للتحسين المستمر وتبني سياسة التغيير والتجدد الدائم، ثالثا قياس أثر خدماتها المضافة على المجتمع والبيئة.
لقد أولى الإسلام اهتماما كبيرا للحفاظ على عناصر القوة في المجتمع الإسلامي، حيث أن مفهوم المسؤولية المجتمعية راسخ في الإسلام منذ أكثر من 1400سنة، ويتضح ذلك من خلال اهتمام الإسلام بالجانب الأخلاقي والاجتماعي للأعمال، والأمثلة على ذلك كثيرة في القرآن والأحاديث الشريفة، أما الأن فقد أصبحت القطاعات الاقتصادية حول العالم لا تهتم فقط بالأهداف الربحية لأنشطتها دون تحقيق الاهداف الاجتماعية، فهي الأن تسعى لتحقيق التكامل بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية، مما أدى الى ظهور ما يسمى بالمسؤولية الاجتماعية و التي تستخدم كأداة لتقييم الاداء الاجتماعي لتلك المنظمات.
ومن القطاعات المهتمة بالمسؤولية الاجتماعية القطاع المصرفي، فالمصارف الإسلامية لا تكتفي بالنشاط الاقتصادي والاستثماري فحسب بل تقدم خدمات أخرى عديدة تنبع من تحملها المسؤولية الاجتماعية في بناء المجتمع والمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني ومن ذلك إقامتها للمشروعات الخيرية، فالخدمات الاجتماعيه تتطلب تكاليف وهذا يقتضي أن تقوم المحاسبة بدورٍ هام يتمثل في ضرورة إفصاح المصارف عن أنشطتها الاجتماعية والبيئية من خلال التقارير المالية التي تقوم بنشرها لأنها تمثل الوسيلة الفعالة لمعرفة مدى تحمل تلك المصارف لمسؤولياتها تجاه المجتمع، كما أن للإفصاح عن المسؤولية الاجتماعية أثر ايجابي على أصحاب المصلحة وسمعتها بين منظمات الأعمال في المجتمع.
وفي المملكة العربية السعودية رغم الأهمية الكبيرة لضرورة قيام المصارف بالإفصاح عن مسؤوليتها الاجتماعية، إلا أن الاهتمام به لم يرقَ للمستوى المأمول، حيث بلغت ربحية قطاع البنوك في المملكة (43.71) مليار ريال بنهاية (2015)، في المقابل لاتوجد أرقام واضحة للصرف على المسؤولية الاجتماعية من قبل المصارف في المملكة، أما بالنسبة للدول الأخرى فتقوم بتخصيص نسبة تتراوح بين (25 – 30) في المئة على متوسط أرباح البنوك الصافية للمسؤولية الاجتماعية. إن عدم تحمل المصارف لمسؤولياتها الاجتماعية له انعكاسات سلبية على المجتمع و المصارف على حد سواء لأن نجاح المصارف اقتصاديا دون تحقيق النجاح الاجتماعي سيكون ثمنه باهظا على المدى الطويل و سيؤثر على صورتها في الاذهان. ومن هنا يتجلى السؤال في مدى قيام المصارف الإسلامية بالإفصاح عن المسؤولية الاجتماعية بمجالاتها المختلفة تجاه الأطراف ذات المصلحة؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال