الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رأيي أن مشاريع الأسر المنتجة على صورتها الحالية التي أُنفق عليها الكثير ورُوج لها الكثير وكُتب عنها الكثير فاشلة ولا تنفع الأسر حقيقة ولا تخدم الإقتصاد مطلقا ، والسبب أنها لا تملك عنصر الديمومة والنمو ، وليست قادرة على التوظيف ، لذلك يجب وقف دعمها وعدم الترويج لها فما هي إلا كذبة ووهم أُستغلت إعلامياً وربما ماديا من البعض . أُقيمت المعارض الخاصة بمشاريع الأسر المنتجة، ولا يقام نشاط من الأنشطة السياحية أو الثقافية أو الترفيهية إلا ويكون على هامشه مساحة لمشاريع الأسر المنتجة وكل ذلك هدر لا طائل منه . ومعظم مشاريع الأسر المنتجة مأكولات من المطبخ السعودي ، أو أي منتجات غذائية أخرى ، وهي الأكثر من بين المشاريع الأسرية ، وتعتمد على مطبخ البيت البسيط المحدود . ثم تأتي الأشغال اليدوية القديمة منها والحديثة كثاني مهنة تعمل بها الأسر المنتجة . وتلك المحدودية في المهن التي تعمل فيها الأسر تجعل التنافس بينها شرساً جداً ، خصوصاً أن بعض الأسر غير السعودية دخلت في ذلك المجال وأصبحت منافساً قوياً بسبب رخص الأسعار وكثافة التواجد . إعتماد الأسر المنتجة على معامل البيت سواءً مطبخ أو أي معمل كان ، وإن كان له مزايا مهمة كخفض التكلفة وسهولة العمل من البيت ، إلا أن ذلك يؤدي إلى عدم القدرة على التوسع وفي معظم الحالات عدم القدرة على الإستمرار ، وصعوبة التوظيف . ومن مشاكل مشاريع الأسر المنتجة أنها تعتمد في الغالب على شخص واحد فقط ، وغالباً ما تكون الأم ، وهذا سبب آخر يؤدي إلى إستحالة التوسع وصعوبة الإستمرار ، وضعف الإنتاجية . ومشكلة التسويق هي المشكلة الأكبر التي تواجه مشاريع الأسر المنتجة ، وليست المشكلة في الوصول إلى العملاء وإن كانت هذه معضلة في بعض الحالات ، فقد حلت وسائل التواصل الإجتماعي هذه المشكلة نوعا ما ، لكن مشكلة توصيل المنتج للعملاء هي المشكلة الأكبر هنا ، فمعظم العملاء الذين يأتون عن طريق الإنترنت يكونون بعيدين جداً عن الأسرة ، لذلك تعتمد كثير من الأسر المنتجة على المهرجانات المختلفة ، لكن يعيب تلك المهرجانات محدودية عوائدها بسبب محدودية المدة . وعلى المدى الطويل تخرج معظم الأسر من السوق ولا تستطيع الإستمرار ، ويحل محلها أسر أخرى وهكذا ؛ ومن يتابع تلك المشاريع يعتقد أنها ناجحة لأنه دائما يشاهد أسراً منتجة ، في حين أن تلك الأسر ليست دائمة العمل في تلك المجالات ، والإستمرار هو للمشاريع والمكان وللداعمين وليس للإسر ، وهذا برأيي هدراً كبيراً لأموال الداعمين وجهد الأسر مع مردود لا يوازي كليهما ، ولو أن تلك الأموال وذلك الجهد أُستثمرا في مشاريع صغيرة دائمة لكان أفضل للأسر والإقتصاد . مثال ذلك أن الأسرة بدل أن تنتج من البيت الوجبات الغذائية تقوم بإفتتاح مطعم تديره الأسرة نفسها ولا تعتمد على أي عمالة ، أو محل حلويات . مقاهي الكوفي شوب من المشاريع التي ستنجح بها الأسر بسهولة . ومن المشاريع التي تستطيع الأسر العمل بها تشغِيل الشقق المفرشة والفنادق الصغيرة ، وهي من المشاريع التي تعمل بها الأسر في الغرب بكثافة . والمعامل التي تُنتج المعجنات والحلويات والسكريات وغيرها ، تلك المشاريع مما تستطيع الأسر أن تُشغِّلها بنجاح . فكرة وزارة التعليم في إعطاء المقاصف المدرسية للأسر المنتجة فكرة رائعة جدا وأتمنى أن تُطبق ، لكن قبل أن يتم تنفيذ المشروع يجب أن تتحول الأسر المنتجة إلى مؤسسات أسرية صغيرة لها كيانها الإعتباري ومقر عملها وتُطبق شروط العمل المؤسسي عليها ، وذلك لضمان الإستمرارية والعوائد المجزية وعدم هدر أموال الدعم في مشاريع غير مستمرة . كما يجب أن تعتمد تلك المشاريع على تشغيل الأسرة ، وليس على العمالة ، فدخول العمالة يعني دمار الفكرة بالكامل ، وإن إحتاجة الأسرة إلى مزيد من العمالة فيفضل أن تتشارك مع أسرة أخرى ، أو توظف من تحتاج من السعوديات والسعوديين . كثيرة هي المشاريع التي تستطيع الأسر تشغِيلها بعد أن تحولها من مجرد جهد فردي يدار من البيت إلى مؤسسة تجارية تعمل وفق نظام المؤسسات التجارية وتخضع لأنظمتها . أعلم أن الصعوبات كبيرة، لكن ذلك يضمن عدة أمور مهمة إولها العائد الجيد للأسر التي ترغب بتشغيل تلك المشاريع ، وثانيا ضمان إستمرارها وبالتالي ضمان دخل دائم للإسرة ، والأهم تشغيل أكبر عدد من أفراد الأسرة في تلك المشاريع ، ما يعني ضمان أكبر توظيف حقيقي من أفراد المجتمع المحتاج فعلا لوظائف مجزية. وأخيرا الحفاظ على أموال الدعم الحكومية والقطاع الخاص التي أُهدرت في مشاريع أجزم أن عوائدها الحقيقية أقل بكثير من حجم تلك الأموال فيما لو تم توجيهها لإستثمارات حقيقية في المشاريع الصغيرة التي تُشغِّلها الأسر بدل هدرها في مشاريع لا عائد حقيقي منها .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال