الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع بداية تطبيق سعودة محال الاتصالات ، كأني أشتم رائحة فشل التجارب السابقة . فهل نحن على موعد مع الضربة القاضية لبرامج السعودة وإصلاح سوق العمل ؟ أم أن هذه التجربة تختلف . ذهبت لمحل أعتدت أن أشتري منه أجهزتي ، دخلته فوجدته فارغا تماما من الأجهزة ، سألت (صاحب) المحل العربي ، عن سبب خلو المحل من الأجهزة ؟ قال (صاحب المحل هيك بيريد) . معرفتي الطويلة به تجعلني أؤكد أنه هو من يملك المحل فعلا ، والسعودي مجرد إسم . سبق وكتبت هنا في صحيفة مال عن إختلاف هذه التجربة وتحدثت عن عوامل النجاح ، ولا زلت عند رأيي السابق ، لكن تفاؤلي لم يعد كما كان ، لأنني لم أقدر حجم التستر المسيطر على السوق . وذلك التستر يثقل سوق الإتصالات لأنه أولا يمثل العدد الأكبر من المحال العاملة في السوق ، وتلك المحال رغم صغر حجمها لا تقوم على عامل واحد غالبا بل يشترك في تشغيلها عدد من الأشخاص المشتركين في تكاليف المحل ولكل واحد منهم جزء منه يديره كما يشاء ، وأخير لا يتحمل السعودي المتستر سوى أسمه الذي يأخذ مقابله الفتات من دخل المحل . ما الذي حدث بعد تطبيق السعودة ظهرت محال الاتصالات على ثلاث أنواع ، محال كبيرة ويملكها سعوديون ، وتستطيع توظيف سعوديين محل العمالة الوافدة ، وبإجور مناسبة ، وبإمكانها خفض إرتفاع الأجور بتقليل عدد الموظفين ، وتقليل بعض المصاريف الإضافية ، ولديهم توقع بإرتفاع المبيعات نتيجة خروج عدد من المحال الصغيرة من السوق . النوع الثاني من المحال هي التي يملكها سعوديون ويديرونها مع عدم تفرغهم ، لكنها صغيرة ولا تستطيع تحمل تكاليف توظيف سعوديين ، وهذا النوع من المحال ليس أمام صاحبه للإستمرار في السوق إلا أن يقوم بتشغيل محله بنفسه . النوع الثالث وهم الغالبية من محال الإتصالات الإسم فقط لسعودي بينما المحل للعمالة ، يقومون بتشغيله والتصدق على صاحب المحل بقيمة إسمه ، والمبالغ غالبا لا تتجاوز ٣٠٠٠ ريال شهريا وربما أقل. وهذه المحال ليس أمامها سوى الغلق ، طبعا إن كانت حملة السعودة جادة ، خصوصا أن العدد الكبير الذي يُشّغل بعضها يجعل من المستحيل على (صاحب) المحل توظيف سعوديين بديلا لهم ولو خفض العدد للنصف ، لأن التكلفة أكبر بكثير من طاقته . الصنفان الثاني والثالث أمامهم حل عملي ونسبة نجاحه عالية جدا إذا تم إختيار الأشخاص المناسبين ، ذلك الحل هو الدخول في شراكة مع السعودي أو السعوديين حسب وضع المحل . تكون الشراكة إما برأس المال مقابل العمل ، أو الشركة برأس المال والعمل ، أو الشركة برأس المال والعمل من جانب وبرأس المال من جانب صاحب المحل . والإتفاق بعد ذلك على بقية المسائل وأهمها نسبة كل شريك من الأرباح والخسائر لا سمح الله . المفارقة العجيبة ، أننا نعلم جميعا أن معظم المحال كانت في الواقع لغير أصحابها السعوديين ولا يأخذ صاحب المحل السعودي إلا الفتات من عوائد المحل ، فما الذي يمنع أن يدخل صاحب المحل السعودي في شراكة مع السعودي ويكسب الإثنان والوطن . وبدل أن يكتب على المحل (مطلوب موظف سعودي) يكتب (مطلوب شريك سعودي) المستفيدون من فشل سعودة محال الإتصالات كُثر ، وحيلهم في إفشالها أكثر ، وفشلها كارثة حقيقية ، وليس أمام الحكومة هذه المرة إلا النجاح أو النجاح . وتقديم الحلول ليستفيد صاحب المحل وطالب العمل السعودي أهم من فرض الرقابة على السوق فقط ، فلن تستطيع الحكومة الإستمرار في تلك الرقابة ، والتجارب السابقة غير مشجعة . بقي أن أقول أن خروج بعض المحال من السوق ليس مشكلة بل حل لفوضى السوق والأهم أن ذلك سيساعد في تطبيق السعودة .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال