الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تعد تجارة التجزئة الحلقة النهائية في قنوات التوزيع فهي همزة الوصل بين المستهلك النهائي وقنوات التوزيع الأخرى، وأحيانا تعد القناة الوحيدة بين المستهلكين الأفراد والمنتجين. وقد تعددت الأشكال القانونية لشركات التجزئة ما بين مشاريع فردية وشركات ذات مسؤولية محدودة إلى شركات مساهمة. كما تباينت أحجامها ما بين شركات كبيرة إلى متوسطة إلى صغيرة. وهناك أيضا عدة تصنيفات وأنواع متعددة من تجارة التجزئة، فهناك ما يسمى بالمحال المتخصصة وأخرى يطلق عليها محال الخصومات الدائمة وثالثة تسمى بالأسواق الضخمة وغيرها كثير، وقد تطرقت إلى تصنيفات شركات التجزئة في مقال سابق ولا مبرر لتكراره.
وأيا كان الوضع القانوني لشركات التجزئة، أو حجمها، أو نوعها فإن وجودها ضرورة لا غنى عنها في مجال توزيع السلع في جميع الاقتصادات في الدول المتقدمة، والنامية، والأقل نموا. بل إن بعض المنتجين يترددون في اعتماد أي برنامج تسويقي إذا لم تكن هناك شركات تجزئة ذات حرفية عالية تتولى عملية نقل وتوزيع المنتج إلى المستهلك النهائي ويرون أن أي خلل يحدث في اختيار شركات التجزئة ينعكس أثره على وظيفة التوزيع وسينتقص من كفاءة المزيج التسويقي برمته.
وقبل أن ندخل في صلب الموضوع دعونا نعرف ما المقصود بتجارة التجزئة؟ تجارة التجزئة هي منظمة تقوم بالأنشطة كافة التي تضمن بيع المنتجات إلى المستهلكين النهائيين وتعد الحلقة الأخيرة من حلقات وظيفة التوزيع التي تلتقي مباشرة بالمستهلك الفرد. ووفقا لهذا التعريف فإن المنظمات التي تشترى بهدف إعادة البيع تخرج عن هذا المفهوم ولا تصنف كتجارة تجزئة. وحتى تتضح الصورة أكثر ينبغي معرفة كيف تختلف تجارة التجزئة عن قنوات التوزيع الأخرى كتجارة الجملة، والوكالات، والوسطاء وغيرهم ولكن التفصيل في هذا سيبعدنا عن لب المقال فلعلنا نعود إليه في مناسبات قادمة إن شاء الله.
نعود للموضوع فنقول إنه في الآونة الأخيرة أصبحت دورة حياة بعض شركات التجزئة قصيرة، فما إن تنمو وتظهر ما تلبث أن تتهاوى و تنهار ليظهر شكل آخر ويظل صامدا ثم يفلس هو الآخر ويخرج من السوق. فقد تمت ملاحظة انهيار بعض شركات التجزئة خلال العقد الماضي في كثير من دول العالم. فمنذ بداية الألفية الجديدة والعالم يرى بعض شركات التجزئة تتهاوى. وهناك أمثلة متعددة من أبرزها إفلاس عملاق التجزئة الأمريكي الشهير كي مارت K Mart حينما أعلنت إفلاسها عام 2002 واندمجت بعد ذلك مع مواطنتها سيرز Sears عام 2004. تلا ذلك إعلان سيركويت سيتي للإلكترونيات Circuit City إفلاسها المدوي. ولم يقتصر الأمر على شركات التجزئة الأمريكية، بل تعدى ذلك إلى شركات أخرى في شرق العالم وغربه. ففي عام 2009 استعد نحو 1600 شركة تجزئة بريطانية للإفلاس – حسب تصرح شركة إكسييربان لأبحاث السوق. و في العام نفسه أعلنت شركة ألمانية لمبيعات التجزئة تدعى أركاندور إفلاسها، إضافة إلى إفلاس نحو 373 شركة يابانية (موقع منتديات الوسيط للأسهم الخليجية والعالمية).
وقد أصاب هذا الوباء شركات التجزئة في دول العالم الثالث، فها هي بعض شركات التجزئة الإماراتية تعلن إفلاسها، حسب تصريح موقع المكسب الإلكتروني 2012. وتعد المملكة العربية السعودية من الدول التي تكثر فيها شركات التجزئة نظرا لضخامة حجم الاستثمارات في مجال تجارة التجزئة وما تؤديه من خدمات للمنتج وللمستهلك على حد سواء. ورغم عدم وجود بيانات إحصائية رسمية عن وضع شركات التجزئة السعودية إلا أن المملكة صنفت في المركز العاشر ضمن قائمة الوجهات المستهدفة لتجارة التجزئة العالمية حسب التصنيف الأخير لمنظمة التجارة العالمية، وهذا يجعلنا نتوقع أن تجارة التجزئة في السعودية ليست بمعزل عن هذه الانهيارات وهذا يبرهن أن ما يحدث في العالم في مجال تجارة التجزئة ينعكس تأثيره محليا.
هذه الإفلاسات المتتالية والانهيارات المتتابعة لم تأت من فراغ، فيبدو أن هناك مشكلات عدة وأسبابا متعددة تقف وراء هذه النهايات المؤلمة لشركات التجزئة منها ما يتعلق بالتسعير، ومنها ما يخص المنافسة العاتية، وأخرى تتعلق بالتقلبات الاقتصادية المحلية والدولية. وقد تمت مناقشة المعوقات التي تقف أمام شركات التجزئة في المؤتمرات والدوريات ورغم كثرة المعوقات والمشكلات التي تمت مناقشتها من قبل المتخصصين إلا أن هناك عاملا مهما ولكنه غير مدرك ولم يتم تسليط الضوء عليه بشكل مكثف وهو عدم مقدرة شركات التجزئة على اختيار وإدارة أدوات الترويج بكفاءة عالية. يتحاشى كثيرون الخوض في إدارة المزيج الترويجي لشركات التجزئة رغم أنه قد يكون السبب الجوهري في الانهيارات المتتالية التي تواجه شركات التجزئة. يبدو أن عناصر المزيج الترويجي غير واضحة المعالم لكثير من شركات التجزئة، بل إن هناك بعض التداخل فيما بينها. كما تمت ملاحظة أن بعض شركات التجزئة تصمم البرامج الترويجية بمعزل عن آراء العملاء و معرفة مدى أثرها في قرار الشراء. لذا ينبغي أن يكون هدف شركات التجزئة التي تريد أن تزيد من مرحلة النضج والاستقرار في دورة حياتها وتحصل على حصة تسويقية عالية أن تحدد المجموعات الرئيسة – بما تحويه من أدوات فرعية – التي يتكون منها المزيج الترويجي المثالي لشركات التجزئة، ودرجة تأثير كل عنصر في قرار الشراء للمستهلك الفرد، بعد ذلك تختار ما يناسبها فليس جميع أدوات الترويج تناسب جميع الشركات بل تختلف وفقا لمتغيرات عدة. فعلي سبيل المثال بعض الشركات تختار الإعلان كأداة ترويجية رئيسة رغم أن الدراسات أثبتت أن تنشيط المبيعات أكثر جدوى وأقل تكلفة من الإعلان، بل إن البعض يرى أن عصر الإعلان قد قارب على الأفول. لذا يمكن أن نختم فنقول: إن كل عنصر من عناصر المزيج الترويجي قد يناسب نشاطا، إلا أنه لا يناسب نشاطا آخر وقد يتوافق مع شريحة من المستهلكين، إلا أنه لا يناسب شريحة أخرى.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال