الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ولعل اللافت للنظر، والذي هو أمر طبيعي للغاية، تركيز الرؤية بشكل كبير على محور المجتمع بالمملكة، باعتباره يمثل مرتكزاً قوياً لتأسيس اقتصاد مزدهر، ودعامة متينة لبناء وطنٍ طموح. ومن هذا المنطلق، أولت الرؤية أهمية كبرى لتعزيز قدرات المجتمع السعودي، بحيث يصبح أكثر حيوية وقدرة على التفاعل مع متغيرات العصر، مما تطلب تركيز الرؤية على توفير نمط صحي متوازن بحيث يتحقق عنه مقومات حياة تمتاز بالجودة والنوعية، إضافة إلى تحقيق استدامة بيئية، تعمل على المحافظة على البيئة والمقدرات الطبيعية لضمان جودة الحياة.
وبغية توفير محيط في السعودية يتيح للمجتمع العيش في بيئة إيجابية وجاذية، ركزت الرؤية على أهمية تطوير مدن المملكة بحيث تنعم ببيئة متكاملة تتوفر فيها خدمات أساسية بجودة عالية من مياه وكهرباء ووسائل نقل عامة وطرقات ومساحات مفتوحة ومسطحات خضراء.. الخ من مقومات الحياة الراقية، التي تساعد على تطور المجتمع وازدهاره. إضافة إلى ذلك فقد ركزت الرؤية على استمرار الدولة في جهودها الرامية للمحافظة على الأمن والأمان المجتمعي، عبر تعزيز الجهود القائمة في مجال مكافحة المخدرات، هذا بالإضافة إلى تبني إجراءات إضافية لضمان السلامة المرورية وتقليص أعداد حوادث الطرقات وآثارها السلبية.
برأيي أنه لا يمكن للرؤية أن تحقق أهدافها المرتبطة بتطوير المجتمع، في بلد تشكل فيه نسبة عظمى من المواطنين والمقيمين لا يحترمون نظام المرور على سبيل المثال، مما نتج عنه تصنيف المملكة من بين أعلى دول العالم بالنسبة لمعدلات حوادث المرور. وقد كشفت حملة التوعية المرورية “الله يعطيك خيرها”، أن حوادث المرور في المملكة تتسبب في حدوث 35 حالة إعاقة يومياً، وإصابة 40 ألف شخص سنوياً. كما تتسبب حوادث المرور في وفاة نحو 7000 شخص وتُكبد الاقتصاد الوطني حوالي 21 مليار ريال سنوياً. ولا يمكن كذلك للرؤية أن تطور من مجتمع يستهلك الموارد الطبيعية والاقتصادية، وبالذات التي تتصف بالندرة والشح، مثل المياه والطاقة بأنواعها، بشكل جائر ومرعب ومخيف ومبالغ فيه يفوق المعدلات العالمية، حيث على سبيل المثال لا الحصر، يبلغ نمو الطلب على الكهرباء في المملكة نحو 8 في المئة سنوياً، والذي يزيد عن ضعفي المعدلات العالمية، ونفس القول ينطبق على استهلاك المياه وبقية أنواع الطاقة.
إن تحويل المجتمع السعودي إلى مجتمع حيوي، يتطلب من كافة أفراد المجتمع التفاعل مع مبادرات الرؤية بالجدية المطلوبة، لاسيما وأنها تهدف إلى تحسين مستوى الحياة العامة، عبر تنفيذ العديد من المبادرات الجادة والهادفة، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر وعلى مستوى برنامج التحول الوطني بالتحديد، تقليص معدلات وفيات حوادث الطرق لكل 100,000 ساكن من خط الأساس 27 ساكن إلى المستهدف 20 ساكنا بحلول عام 2020، هذا بالإضافة إلى ضرورة وأهمية تبني الرؤية تنفيذ برامج وخطط توعوية للمجتمع بأهدافها العامة بشكل عام وبالأهداف المرتبطة بالمحور الاجتماعي بشكل خاص. ولعلى اقترح في هذا الخصوص أن يتم تضمين تفاصيل الرؤية وبرامجها المختلفة بمناهج التعليم بشقيه العام والجامعي (ضمن مثلاً مادة التربية الوطنية)، بحيث يكون جميع أفراد المجتمع على مستوٍ واحد من الفهم والإدراك لأهمية الرؤية من جهة ولاستيعاب أهدافها من جهة أخرى، لاسيما وأنها تضمنت أهدافاً ومصطلحات أرى أنها بحاجة إلى المزيد من الشرح والتوضيح، مثل هدف “الارتقاء بمؤشر رأس المال الاجتماعي Social Capital من المرتبة (26) إلى المرتبة (10) بحلول عام 2030 الذي قد لا يعرف معناه الجميع، وهو الذي يقيس قيمة ومدى فعالية العلاقات الاجتماعية ودور التعاون والثقة في تحقيق الأهداف الاقتصادية لأي مجتمع.
نقلا عن الرياض
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال