الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يعد صندوق الاستثمارات العامة إحدى أهم الجهات والأدوات الفاعلة في تحقيق أهداف “الرؤية السعودية”. فالإعلان عن إعادة هيكلة الصندوق سبق الإعلان عن تفاصيل «الرؤية» وخطة التحول، حيث أكدت إعادة الهيكلة الأهداف الجديدة للصندوق. تتمحور الأهداف الجديدة حول تنويع الإيرادات الحكومية بعيدا عن النفط لتشكل الإيرادات من استثمارات الصندوق نحو نصف الإيرادات الحكومية في عام 2030. إضافة إلى هذا الهدف الرئيس، فإني أتوقع أن يكون لصندوق الاستثمارات العامة إسهامات مهمة لتحقيق أهداف أخرى لـ «الرؤية» مثل توطين الصناعات وخلق الوظائف ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكذلك تطوير بيئة الاقتصاد السعودي.
هذه الأهداف تختلف في جوهرها عن الأسلوب الذي اتبعه صندوق الاستثمارات العامة في عمله منذ تأسيسه في عام 1971. ولكنها مع ذلك تتوافق مع استراتيجيته العامة التي وضعها المرسوم الملكي لتأسيسه التي تنص على الاستثمار في المشاريع الإنتاجية ذات الطابع التجاري التي لا يستطيع القطاع الخاص منفردا تنفيذها، إما لقلة الخبرة أو عدم القدرة على توفير رأس المال. فقام الصندوق بتأسيس القاعدة الصناعية والاقتصادية التي انطلق منها الاقتصاد السعودي خلال الطفرة الأولى، التي شملت مصارف وشركات الأسمنت والاتصالات و”سابك”. ثم تلا ذلك مرحلة جديدة من الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والخدمات اللوجستية، كما عمل الصندوق كخط دفاع أخير للمشاريع الحيوية، مثل القرض الذي قدمه الصندوق لتفادي تعثر مشروع مدينة الملك عبد الله الاقتصادية.
ما تحتاج إليه المرحلة المقبلة لتحقيق أهداف خطة التحول الوطني من صندوق الاستثمارات العامة يحتاج إلى اعتماد مبدأين مختلفين. الأول يرتكز إلى تكوين قاعدة استثمارية تدر تدفقات نقدية، وهي طريقة عمل تختلف عن صناديق إدارة الثروات السيادية التي عادة ما تستهدف الحفاظ على الاستثمارات. ولذلك فإنها ستحتاج إلى بناء قاعدة من الاستثمارات غير النفطية في قطاعات مستقرة ومدرة للدخل، وقد يغلب عليها أن تكون دفاعية للحفاظ على معدل التدفقات النقدية. كما يمكن أن تعمل بعض استثمارات هذا المبدأ لمصلحة المبدأ الاستراتيجي الثاني الذي يستهدف تحقيق أهداف تنموية محلية. فالاستثمار في شركات التقنية الكبيرة وقطاع الصناعات الثقيلة والمعمرة يعمل على نقل التقنية، وبالتالي فإنه يخلق قطاعات وصناعات جديدة.
لتحقيق أهداف البعدين معا، فإن صندوق الاستثمارات العامة في حاجة إلى إعادة صياغة استراتيجيته وأسلوب عمله. فمن المهم أن تشمل أهداف الصندوق معايير اجتماعية مثل عدد الوظائف التي سيتم خلقها لكل استثمار، وحاجة الاقتصاد إلى قطاع معين حتى إن كان منخفض الجدوى الاقتصادية، فمن الممكن أن تتولد القيمة المضافة للاقتصاد عبر الاحتفاظ بموارده، مالية كانت أم طبيعية. كما يجب على الصندوق العمل على استقطاب خبرات في مجال إدارة صناديق رأس المال الجريء. فهذه الصناعة المالية المتخصصة هي وحدها القادرة على دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي تعظيم قدرة الابتكار. أخيرا، فإن سياسة الاستثمار الداخلي ومدى شفافيتها سيكون له الأثر الكبير في بيئة الأعمال السعودية. فعلى الرغم من تراجع أسعار النفط، إلا أن «الرؤية السعودية» تمكنت من تعزيز التفاؤل في الشارع الاقتصادي. وسيكون صندوق الاستثمارات العامة الجهة الأقدر على تعزيز وتأكيد استمرارية هذا المناخ المتفائل.
حسبما تناولته “الاقتصادية”
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال