الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عضو هيئة التدريس جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
Sshehah@
إن تعلم الحد الأدنى من التخطيط المالي الشخصي من المفترض أن يكون من الأوليات للجميع و بلا استثناء. فهي مؤشر وعي شخصي ونضوج مجتمعي. ومن أهم المكتسبات من ازدياد الوعي المالي, هو القدرة على توقع التحديات والطوارئ “المالية تحديدا”و الاستعداد لها من ثم التغلب عليها وتجاوزها.
من مؤشرات ازدياد الوعي المالي هو معرفة الفرد مصروفاته وإيراداته أو دخله بوضوح. يقول صديق, وهو مخطط ومستشار مالي شخصي, أول سؤال أساله عملائي عند تقديم الاستشارة المالية هو: ما هي مصروفاتك ومن أين تحصل على دخلك وما هو مقداره؟ وللأسف, أكثر من 70% منهم لا يستطيع الإجابة بشكل صحيح من أول مره. هذا بالطبع مؤشر “جهل” مالي من المهم أن تتم معالجته.
من الضروري أن يكون الفرد على دراية تامة بإجمالي مصروفاته الأساسية “الثابتة منا على الأقل”, لأنها سوف تساعده عند مقارنتها مع دخله على كيفية التحكم في مصروفاته وإدارة أمواله بالشكل الصحيح. إدارة الميزانية الشخصية او التخطيط المالي الشخص ضروري ومن أساسيات العيش باستقرار وطمأنينة. أنا لا أبالغ إن قلت أن التخطيط المالي الشخص يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على عدة جوانب منها: الشخصية, الوظيفية, التعليمية, الأسرية, والدينية أيضا.
في هذه الحياة تتنوع الحاجات والرغبات التي تضطرنا لنضحي ببعض ما نملك لتحقيق هذه الحاجات وإشباع بعض الرغبات. من الأمثلة لا الحصر, حضور دورة تدريبية يلزمك التضحية ببعض أموالك للحصول على المعلومة التي تضيف لك وتميزك, بداية مشروع جديد يحتاج مع التضحية بالمال, التضحية بالوقت وبذل الجهد لاستمراره ونجاحه. السر في كل الأمثلة السابقة, هو الالتزام حيث انه يعتبر العنصر الأهم لتكون قادر على تحقيق ما ترغب وتحتاج.
من حسن الحظ, “الكثير” لا أقول “الكل” من المناسبات في حياتنا نعلم عنها مسبقا ونستطيع التنبؤ بها والاستعداد لها, كزواج قريب بعد ستة أشهر, وسفر بعد 4 أشهر, وشراء سيارة بعد سنه, ومراجعة طبيب بعد شهر, قسط مدرسة الأبناء بعد شهرين, وشراء هدية لزوجتك الأسبوع القادم. هذا بالتأكيد سيساعدنا على أن نرفع درجة استعداداتنا المالية ونرتبها لنحقق ما خططنا له.
الخطوة الأساسية والأولى لنرفع مستوى صحتنا واستقرارنا المالي, هو تحديد ومعرفة مصادر دخلك ومقداره. بمعنى, من أين سيأتي المال, وكم مقداره؟ مثلا, راتب, اجار عقار, عوائد مساهمة,… إلخ. ثم تحديد مصروفاتك, ومقدارها.
المصروفات بالطبع تنقسم إلى قسمين أساسيين, مصروفات ثابتة, ومصروفات متغيرة. فالثابت مثل أجار البيت, قسط البنك أما المتغير مثل تغيير إطارات السيارة, وليمة لزميل في العمل أو الأقارب. بعد هذه الخطوة نستطيع أن نبدأ بناء ميزانية شخصية بنجاح بأذن الله, لان أركانها الأساسية اتضحت الآن.
الخطوة التي تليها هي تحديد مقدار ما سوف تستقطعه كادخار. فالادخار هو استقطاع جزء من الدخل وتأجيل استهلاكه لتحقيق أهداف مستقبلية أو تجنب طوارئ متوقعة. وكثير من الدراسات والخبراء في التخطيط المالي الشخصي ينصحون أن تكون نسبة الادخار حوالي 20% من دخلك الإجمالي. الجدير بالذكر أن رحلة الادخار صعبة وشاقة, فالجدية والالتزام عنصران أساسيان لنجاح هذه الرحلة.
ولتجنب اللجوء للسلفة أو الاضطرار لتأجيل شراء احتياجاتك الضرورية, هذه الخطوة ستكون هي الأهم بالطبع. لاحظ خلال هذه الفترة بعد التغييرات الاقتصادية وانخفاض مستوى دخول كثير من الأفراد, كيف سيتعاملون معه, وهل سيلجؤن لما ادخروه سابقا لاستعادة حالة التوازن في ميزانيتهم الشخصية أو تعويض المبالغ التي فقدوها؟ فالهدف الأساسي من الادخار مساعدتنا في تجاوز او تخفيف أثر أي أزمة قد نمر بها.
أخيرا, من المهم أن نشير إلى أن بناء الميزانية الشخصية أو عملية التخطيط المالي الشخصي تحتاج فقط إلى الحد الأدنى من المعرفة, والكثير من العزيمة والجدية, والقدرة على مقاومة أهواء النفس لتنفيذ خطتك المالية وتطبيقها. أيضا, لابد أن تفرق بين ما هي احتياجاتك؟ وما هي رغباتك؟ عند تخطيط ميزانيتك الشخصية, فالاحتياجات لايمكن تأجيلها إلا بتضحية بما هو ثمين أما الرغبة فتأجيلها مستطاع ومقدور.
خاتمة,
“إذا اشتريت ما لا تحتاج, قريبا سوف تضطر لبيع ماتحتاج”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال