الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الرئيس التنفيذي السابق لدعم الأعمال في شركة موبايلي
عاش سوق الاتصالات في المملكة في أواخر العقد الماضي عصره الذهبي ، والذي شهد تنافس شديد بين الشركات الثلاث المقدمة لخدمة الهاتف النقال، فقد تزاحمت العروض المقدمة من تلك الشركات والتي كانت بشكل عام مرضية لعملائها. ان ازدهار السوق في تلك الحقبة أعطى شركات الاتصالات، وبالأخص شركة الاتصالات السعودية وشركة موبايلي، القوة المالية الكافية لضخ المليارات من الريالات في توسعة شبكاتها وزيادة قدرتها الاستيعابية في محاولة لكسب سريع للعملاء، حتى اصبح ديدن كل شركة الإعلان بين فينة واُخرى عن جيل جديد لشبكتها بسرعات اعلى من منافسيها.
لكن لم تنظر تلك الشركات الى تأثير هذه التوسعات على وضعها المالي على المدى البعيد. وفِي المقابل فان الجهة المنظمة (هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات) والتي كان لها في بداية انطلاق نشاطها دورا فعالا في بناء سوق تنافسي عادل بين الشركات. الا انه لم يكن لها دورا إيجابيا في تقنين بناء وتوسع شبكات الاتصالات، فقد قامت كل شركة في بناء شبكتها بشكل مستقل تماما ولَم تنظر تلك الشركات الى تعزيز مبدأ المشاركة في بعض اجزاء البنية التحتية لشبكاتها كالمشاركة في الأبراج والمشاركة في تمديد شبكات الالياف البصرية للمنازل كما هو المعمول به في كثير من الدول. اذ انه ليس من الطبيعي ان تقوم كل شركة بحفرية مستقلة لشبكة اليافها البصرية من المقسمات الرئيسيّة وحتى المنزل. لكن للأسف هذا ماتم وفِي ذلك هدر كبير للاموال. ان دور الهيئة في ذلك هو تحفيز مبدأ المشاركة بين الشركات في تلك الأجزاء من الشبكات التي لا تؤثر على التنافسية في تقديم الخدمات مع تعزيز الفعالية في المصروفات الرأسمالية لبناء الشبكات.
ان شركات الاتصالات حاليا تعاني كثيرا من الاثار المالية لتلك التوسعات، ولذا فقد أصبحت متحفظة بشكل كبير في توسيع شبكاتها وزيادة طاقتها الاستيعابية في ظل تشبع السوق وانخفاض الدخل خلال السنوات الثلاث الماضية. وعلاوة على ذلك فان التغيير الذي حدث في سلوك المستخدمين خلال السنوات الاخيرة كان له اثار مالية سلبية على شركات الاتصالات في العالم كله. فقد قل الاعتماد على التواصل الصوتي وظهرت برامج تواصل متعددة فعالة على الانترنت استغلت التقدم النوعي في تقنيات الهواتف المحمولة ولَم يعد لشركات الاتصالات الا تقديم مايسمى بقناة صماء (dump pipe) تقوم تلك البرامج باستغلالها لخدمة عملائها.
لقد تباينت ردود افعال شركات الاتصالات في التعايش مع التغيير الذي طرأ على سلوك مستخدميها بين محاولات لمحاربة الوضع الجديد، وقد كانت بالطبع محاولات يائسة. ومن جانب اخر حاولت بعض الشركات في تغيير سلوكها لمواكبة التغيير وتبنت برامج استرايجية للتحول transformation strategies، لكن واجهت كثير من تلك البرامج الفشل. فلم تستطع الشركات الخروج من عبائتها التقليدية في تقديم خدماتها. وقد كان هذا ديدن شركات الاتصالات في العالم بشكل عام بما في ذلك الوضع المحلي.
ان ما قامت به شركات الاتصالات في المملكة مؤخرا من إلغاء للباقات المفتوحة هو اجراء حتمي في محاولة للتخفيف من الضغط على شبكاتها، في ظل الزيادة المستمرة في الاستخدام مع ضعف قدراتها المالية في زيادة طاقة شبكاتها الاستيعابية. لكن اعتقد ان الشركات لم توفق في عرضه على عملائها ما اثار ردود افعال سلبية واسعة. ان التحديات التي واجهت الشركات في الآونة الاخيرة قد اثرت سلبا على قدراتها التسويقية، فقد كان من المفترض ان تقدم عروض بديلة يمكن ان تفي باحتياجات قطاع عريض من مستخدمي الباقة المفتوحة. ان على شركات الاتصالات ان تواجه التحديات بجرأة وواقعية في تقليل حجم نفقاتها وكذلك في تطوير أدواتها التسويقية لملائمة احتياجات عملائها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال