الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الاقتصاد السعودي بعد التحولات الكبيرة التي يواجهها أصبح اليوم تحت المجهر لدى كثير من المؤسسات المالية الكبرى والشركات العالمية، لمتابعة ومراقبة هذا الاقتصاد، وكيف يمكن أن يدار، خصوصا بعد الانفتاح الكبير على الاستثمار الأجنبي، الذي قد يجد في المملكة ومنطقة الخليج فرصة كبيرة للاستثمار، باعتبار أن اقتصاد الخليج والمملكة بصورة خاصة هو الأهم والأضخم في المنطقة، والتحولات في حالة الاقتصاد في الشرق، خصوصا في الصين، بعد استقرار النمو أو انخفاضه إلى حد ما أصبح من المهم للشركات الكبرى البحث عن خيارات أخرى لتحقق لها قيمة مضافة، وحالة المملكة على المستوى الأمني والسياسي مطمئنة، إلا أن المهتمين بالاقتصاد السعودي ينظرون إليه عن كثب بغية البحث عن فرص مناسبة للاستثمار، وتجربة الاستثمار في المملكة بالنسبة إلى تلك الشركات قد تكون فيها مخاطرة من جهة حداثة التجربة، رغم ما يتمتع به الاقتصاد السعودي خلال الفترة الماضية من النمو الجيد والفرص، وتكامل أدوات ما يعزز متانة الاقتصاد من وفرة القوى العاملة الوطنية وارتفاع المستوى التعليمي.
إصدارات المملكة من السندات كانت أحد أوضح الدلائل على الثقة الكبيرة بالاقتصاد السعودي، حيث كان الإقبال كبيرا رغم محدودية عوائد هذه الإصدارات، ما جعل المملكة تخفض في نسبة عوائد هذه الإصدارات إلى نسب أقل مما أعلنت عنه سابقا.
في لقاء وزير المالية ببرنامج “الثامنة” في قناة “إم بي سي” أعلن أن المملكة تعتزم أيضا إصدار صكوك إسلامية بغرض تنويع مصادر التمويل، وهو ما أشارت إليه “رؤية المملكة 2030م”، حيث تتميز الصكوك الإسلامية بأمر مهم وهو أنه ينظر إليها أنها أداة الدين المتوافقة مع الشريعة، وبالتالي لن يكون الإقبال عليها فقط من الشركات العالمية أو المحلية، بل سيكون الإقبال عليها كبيرا من قبل المواطنين، ونظرا لأن الأفراد في المملكة ينظرون إلى السندات أنها أداة تقليدية غير متوافقة مع الشريعة، فإن محدودية الإصدارات من الصكوك ستفقد السوق المالية وظائف مهمة لها، وهي إدارة السيولة في السوق وتوفير فرص استثمارية منخفضة المخاطر للأفراد، إضافة إلى التنوع في الفرص الاستثمارية التي تعتبر حاليا شحيحة لدى السوق، ما شجع على مبالغة الأفراد في الاستثمار في أدوات عالية المخاطر، أو توظيف هذه الأموال في استثمارات غير منظمة أو غير مرخصة، ما زاد من حجم المخاطر التي يواجهها الأفراد في السوق.
تتميز الصكوك الإسلامية – إضافة إلى أنها نموذج متوافق مع الشريعة – بالتنوع في هيكلة الصكوك، من خلال أدوات مثل المرابحة والمشاركة والإجارة والاستصناع، ويمكن هيكلة الصكوك لتكون هجينا مركبا من أكثر من عقد لإيجاد نموذج يتناسب مع حاجة الجهة التي تحتاج إلى تمويل، كما أن الإقبال على الصكوك الإسلامية خلال الفترة الماضية أصبح كبيرا جدا، ما شجع كثيرا من دول العالم على البدء في عملية إصدارات للصكوك لجذب المهتمين بالاستثمار إليها. المملكة اليوم رغم أنها لا تسوق لنفسها بصورة كبيرة فيما يتعلق بإمكاناتها وحجم أصول التمويل الإسلامي لديها إلا أنها البلد المؤهل بصورة أكبر من غيره من دول العالم لأن يكون مركزا للتمويل الإسلامي، بل للاقتصاد الإسلامي بصورة عامة، والأصول الإسلامية أصبحت اليوم تنمو بصورة كبيرة جدا وتحافظ على مستويات جيدة من النمو، رغم التقلبات في الأسواق العالمية، حيث تصل أصولها حاليا إلى أكثر من تريليوني دولار. الصكوك الإسلامية يمكن أن توظف بصورة أكثر تنوعا من السندات، كما أنها يمكن أن تدخل بصورة مباشرة في تمويل مشاريع تعليمية ومشاريع صحية ومشاريع بنية تحتية، إضافة إلى مجموعة من الخدمات، خصوصا أن المملكة لديها خطة لتخصيص مجموعة من وحداتها القابلة للتخصيص، إضافة إلى التوسع في تخصيص بعض الخدمات الصحية والتعليمية، وهذه قد يكون المناسب لها بعض نماذج التمويل من خلال الصكوك الإسلامية.
فالخلاصة أن الإقبال الكبير على السندات الحكومية التي أعلن عنها سيكون مشجعا لإصدار مجموعة من الصكوك الإسلامية لزيادة التنوع في مصادر التمويل للمشاريع التنموية، خصوصا أن الصكوك الإسلامية فيها تنوع يمكن أن يناسب بصورة أكبر، مقارنة بالسندات في تمويل مشاريع محددة، إضافة إلى أن الصكوك الإسلامية تعتبر نموذجا متوافقا مع الشريعة، ما يعزز بصورة أكبر تحقيق وظائف مهمة لأدوات الدين تتعلق بإدارة السيولة، وتوفير فرص استثمارية منخفضة المخاطر، لزيادة فرص التنوع في محافظهم الاستثمارية.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال